الصارم البتار في عنق البائسة التركمانية يشار

وصاحبها أسامة التركماني ومن كان على شاكلتهم من أشرار

 

 

حمدا لمن بدد بنور قرآنه حوالك الأوهام، وصقل بسنة نبيه المدارك والأفهام، والصلاة على عبده ونبيه الرسول، جدنا محمد والد البتول، وعلى آله وصحبه الموشحة أعمالهم بالقبول، أما بعد، أقول أنا الموصوم بالذنوب والعيوب، المفتقر إلى ربه مفرج الكروب، السيد باسل بن أحمد حبيب العطاسي، ثم المشهور بالأتاسي، ثبته الله على دينه تثبيت الرواسي، الدمشقي المولد، الحمصي الأصل، الحجازي المنشأ، الحسيني النسب: لما تعالى صخب الجاهلة يشار وازداد، وظنت أنها بعويلها أصابت شاكلة المراد، وربحت بضاعتها في سوق الكساد، وفكت بركيك كلامها صعب القضايا، وأحرزت هدفا بسوء النوايا، آليت على نفسي إلا أن أردها على أعقابها ناكصة، لتعلم أي إصر أتت وأي ناقصة، فأُبدل سَبـْجَها عاجا، وأُقوّم بإسكاتها اعوجاجا، ومثلي لا ينزل ميدانا فيه أمثالها، وهل يخالط رفيع الأقوام سفلتها وجهالها، ولو كل كلب ألقمته حجرا، وكل بشع أمعنت فيه نظرا، لصار الصخر مثقالا بدينار،  وكشف القبح عن وجهه بإصرار، ولكن نار الحقد لا بد لجمرتها أن تُخمد، على رغم أنف الجهال والحُسّد!

 

 والعجيب أن يتجرأ على علم التاريخ والنسب من لا ناقة له فيه ولا جمل، وأن يترنح في أركانه من فيه سفه وثمل!

 

أقول، وفي كلام البائسة حقد، وفيه خليط من الكذب والجهل، وفيه اضطراب، وسنأتي على كل في بابه.

 

أما خليط الكذب بالجهل، فقولها:

 

 

"قد توافق على ترجمة الشيخ أحمد الأطاسي هذا أربعة متعاقبين من أبرز علماء التراجم و الرجال في زمنه و ما بعده بقليل وهم ابن الحنبلي و المحبي و الغزي و العلبي"

 

 

فانظر إلى الجهل: فأما العلبي فرجل معاصر من أهل قرننا، عاش بعد عصر المحبي بما يقارب الثلاثة قرون، وعاش بعد الشهاب أحمد الأطاسي بما يقارب 400 عام (لا بعده بقليل)!  أما المحبي فتوفي بعد الشهاب الاطاسي بأكثر من 100 عام، وكان الشهاب شيخا لجد والد المحبي! فابن الحنبلي إذن هو الذي عاصر حقا جدنا الإمام السيد أحمد الأطاسي (ولم يكن من أبناء بلدته)، وقد سبق المحبي ومات قبله بمائة وأربعين عاما، فقد اعتمد المحبي كتاب ابن الحنبلي في خلاصة الأثر (أمر تناسته الأستاذة)، فانظر إلى هذه الدقة الشديدة في الكلام، وكم من خطأ تاريخي استخرجناه من جملة واحدة صغيرة أتت بها من تدعو نفسها "الباحثة" ونسميها نحن "البائسة!

 

ثم انظر إلى الكذب في عرض الأخبار، فالتوافق بين المؤرخين يقتضي كون كل واحد منهم قد أبدى رأيا استقل فيه بطريقة تكوينه عن رأي الآخر، فحدث أن اتفقت آراؤهم في القضية، ولكن هذا خلاف الصحيح، فإن أول من وصف السيد أحمد شهاب الدين الأطاسي بالتركماني كان الرضي ابن الحنبلي، لا العلامة المحبي كما زعمت البائسة.  ثم نقل الباقون عن ابن الحنبلي الترجمة نقلا من غير تغيير.  فأما المحبي فقد صرح بأنه ينقل الترجمة عن ابن الحنبلي في معرض كلامه!  وكذلك فعل الغزي والعلبي في التراجم، فكلهم ذكروا نقلهم للترجمة عن ابن الحنبلي!  والقارئ للتراجم هذه يرى أن لفظها يكاد لا يختلف عن لفظ ابن الحنبلي! فهذا ليس بتوافق، ولكنه مجرد نقل بريء عن مؤرخ واحد! ونقل المؤرخين  للهفوة التاريخية عن مؤرخ سبقهم (إذا صح أن نسميها كذلك، ولكننا سنبين أن الوصف بالتركماني ليس في تلك الأيام بالضرورة غلطة أو هفوة) ليس من باب الاتفاق كما تخيلت الأستاذة! إذن الذي جعل السيد أحمد تركمانيا هو مؤرخ واحد فقط، لا أربعة كما زعمت البائسة وكذبت، والباقون كانوا مجرد ناقلين.   ولو نقل عنه مئات المؤرخين نقلا حرفيا، لما جعل كلامه بالضرورة صحيحا.

 

ماذا يقول الغزي عن كتاب ابن الحنبلي؟ قال: "يشتمل على الغث والسمين، والتافه والثمين!"، هذأ رأي عالم كبير بكتاب عالم آخر كبير، ولكل جواد كبوة، ولكل عالم هفوة!  فكيف بنا بكتاب تخطه يد من لا يعرف التاريخ ولا أمانة له في نقل النصوص كالزهراوي يكاد كله يكون غثا وتافها!  ماذا كان قال عنه العلامة الغزي يا ترى؟

 


 

ومن خليط الكذب بالجهل قولها:

 

"قد صرّحوا به تصريحاً قاطعاً من دون أدنى تشكك أو احتياط أو تحفظ ، ثم لم يذكروا في نسبه سوى ذلك"

 

فلنطلع على هذا التصريح "القاطع الخالي من التحفظ" كما تزعم.  يقول المحبي في ترجمته للسيد الشهاب أحمد الأطاسي: "وكنت أسمع من والدي أن لنا معهم قرابة والله تعالى أعلم" ثم يعرض لذكر وفاة السيد أحمد ثم يقول: "والأطاسي بضم الهمزة وبعدها طاء مهملة ثم سين مهملة، ولا أدري هذه النسبة لماذا والله تعالى أعلم"

 

فهو أولا ينبه إلى قرابة السيد أحمد من آل المحبي، وهذا لعمري أمر خطير! فالمحبي عربي يفاخر بعروبته، فهاهو يقول في وصفه لأسرته في "نفحة الريحانة": "بيت أبي وجدي، ومنبت عرق محتدي ومجدي، ارتضعت دره واغتذيت، وإلى فضله انتسبت واعتزيت، والمجد ما افتخرت به العرب من القدم:

 

وإنـي مـن العــرب الأقــدميـن

وقـد مـات مـن قـبـل خـلـقـي الكـرم

 

 

وفي كرم العرق بالمنبت الطيب، عون على أثمار تروت بالعارض الصيب.  فأنا إذا افتخرت هزتني أريحية الطرب، ونافست بآبائي تملكني عند ذكرهم حمية العرب".

 

بل هو من ذؤابة نسل عدنان، وفرع زكي طاهر الأفنان، هاشمي حسيني.  يقول عبدالرحمن الجيزي الطباطبي المصري في رثائه:

 

خيار الكرام الشم من آل هاشــم

خلاصة أهل البـيت نـعم التـناســل

لفاطمة الزهراء البتول انتسـابه   علـي حسـيـني لـه الأصــل كـافــل

 

 

وقال في رثائه السيد سليمان الكاتب:

 

الشريف الحسيب ذا النسـب البا

هــر فـخـر السـلالـة الـطـاهـريــنـا

الحائـز المـجـد والفضـائـل إرثـا   عن جـدود لـم تـلـق فيهـم ضنيـنـا

 

 

وهناك إشارات في كتب التراجم بهاشميته وشرفه كثيرة لا يسعها مقالنا.  وخلاصة الكلام، هذا الشريف الحسيني المحبي الذي تقول البائسة أنه صرح تصريحا قاطعا لا رجعة عنه بتركمانية السيد أحمد، هاهو يقرر قرابته من السيد أحمد الأطاسي ناقلا عن والده، واللبيب من الإشارة يفهم!

 

ثم انظر إلى كمالة القطع والبت الخالي من التحفظ في مقولة المحبي: "ولا أدري هذه النسبة لماذا"!!  هذا لعمري تمام التصريح ومنتهى البت القاطع في رأي البائسة! 

 

تلك هي يشار أيهن: تلاعب بالألفاظ القوية، ووضع الأوصاف في غير محلها، ليحسب العامي أنها قد أمسكت بالخبر من طرفيه فأحصته ولم تخطئه، ويظن القارئ أنها قد أمعنت بحثا واطلاعا، وهي بعيدة عن ذلك كل بعد، وإنما خدشت سطح الحقيقة وضعفت عن سبر أغوارها، ونقلت كل شاذ وغريب، ورمت كل ما سواه بعرض الحائط، ثم صاغته صياغة طرب لها من ماثلها جهلا وحقدا.

 


 

ومن الكذب والتدليس المخالط للجهل قولها:

 


 "والأقوى من ذلك كله ، أن يسمع و يقرأ علماء بني الأطاسي (الأتاسي) الأولون (و كلهم من العلماء الفقهاء ، وليسوا من الأميين و لا من الجهلة المغمورين ) ما كُتِبَ عن أصلهم التركماني فلا تجد أحداً منهم يعترض على ما ذكره المترجمون ، و لا يعقّب عليه و لا يستدرك ، لا في كتاب و لا رسالة و لا حتى حديث مأثور مشهور ..و ظل الأمر على هذا النحو ، و ظلت الأسرة لا تنكر أصلها التركماني ، بضعة قرون ، و هم في منأى عن حمى النسب الهاشمي المعدية التي ألَـمَّتْ بمعظم الأسر الحمصية في القرون الأخيرة"

 

 أقول: وهذا لعمري كذب ما بعده كذب!!!

 

فلنقرأ كيف تجاهل أجداد آل الأتاسي أصلهم الشريف.

 

هذا جدنا الأعلى السيد سليمان الأتاسي يوصف في وثائق محكمية شرعية مرعية في حال حضوره ووجوده، وبمحضر من عدول المسلمين من القاضي والمفتي والعلماء في حمص في الوثيقة المؤرخة في غرة جمادى الثاني من شهور عام إحدى وثمانين ومائة وألف (1768م) بقولهم: "عمدة العلماء الأعلام، خادم شريعة جده عليه الصلاة والسلام، فخر السادة الأشراف، السيد سليمان جلبي الأتاسي بن المرحوم السيد عبدالله الأتاسي"، وكذلك ذكر السيد سليمان الأتاسي في وثيقة محررة في آخر ربيع الثاني سنة تسعة وسبعين ومائة وألف (1766م) وفيها جاء "ناقل هذا الكتاب الشرعي وحافظ ذي الخطاب المرعي فخر السادات الكرام السيد سليمان ابن المرحوم السيد عبد الأطاسي"، ولقب السيد سليمان أيضاً "بمفخر السادة الأشراف الكرام" في مستند شرعي محرر في إحدى محاكم دمشق الشرعية في السادس عشر من ربيع الآخر عام 1181 هـ (1767م).

 

وهذه صور بعض هذه المستندات الشرعية المأخوذة من سجل حمص الشرعي:

 

 

 

 

 

 

وهذا جد جد جدي السيد الشريف عبدالستار الأتاسي مفتي الديار الحمصية يمدحه شاعر الشام في عصره السيد أمين الجندي العباسي فيقول في حقه:

 

يا ابن الرسول سحاب فضلك عمنا

 بـمـكـارم ومـراحــم ومـــآثـــر

أنـا لـسـت بـالمـحصي ثنـاك وإنمـا    أوصـافـك الحـسنـى تـلذ لذاكـر

 

 

ويقول مخاطبا إياه لما عزل عن الفتوى في قصيدة أخرى:

 

كـم أضـرمــت نــار الـتــمــرد قــبـلــه

لأبــيــــك ابــراهــيـــــم بـــالإيــــقــــاد
فـأعـادهـا الــمـولـى عـلـيـه بـفـضـلـه

بــردا وتـســـلــيــمـا عـلــى الأشـهــاد
وكــذاك خــيــر الـخـلــق جــدك نـالــه

 هـذا الـعــنــا والــبــؤس غــب تــنــاد
جــحــدت قـريـش شـرعـه لـعـنـادهــا

 كـفـرا وأصـل الكـفــر مـحــض عـنـاد
ولـقـد شـقـوا بـخـروجـه مـن مــكـــة    وحـمــــاه غـــارٌ خـــص بالاســـعــاد
هــنـالـك الــرحــمـــن ظـفـــره بـــهــم   وأعـــــزه بـــالـــنـــصــــر والإمـــداد
ومـن السـعــادة أن تــرى لــك أســوة   بـــجـنـابــه فــهـو الــرسـول الـهـادي

 

 

 

وهذه صور من ديوان هذا العالم الشهير الذي طبع في القرن التاسع عشر مرات:

 

 

 

ثم هذا السيد صالح الأتاسي تمتد إليه يد المنون، فينقش أهل حمص على شاهدة ضريحه:

 

لفقد الذي لو كان في الناس بـر مثله

لمـا انهل من عيني دمـوع سـوافح

فيـا غافـر الزلات مـن أجـل جده

نبي الهدى فـارحمه أنـت المسـامح

 

 

 

 

وتخلد إلى يومنا في باحة جامع دحية الكلبي منذ أن توفي عام 1196 هجري!

 

وهذا جد جد والدي مفتي الديار الحمصية يشهد على وثيقة محكمية فيصف نفسه قائلا:

 

"خويدم الفقرا السيد الحاج محمد الأتاسي الحسيني الحنفي المفتي بحمص حالا"

 

 

 

وهذ جد جدي مفتي الديار الحمصية العلامة الشريف خالد أفندي الأتاسي يذيل على شجرة شريفة فيقول:

 

"أفقر الورى وخادم نعال الفقرا محمد خالد الأتاسي الحسيني خادم العلم الشريف"

 

 

 

وهذا العلامة السيد محمد عاكف بن محمد أمين الأتاسي، إمام مسجد الزاوية في العهد العثماني، يرثيه أحد الفضلاء فيقول مؤرخا لوفاته:

 

مـضى العطاسـي عاكـف آسـفـا

للفـضـل بـل للـخـلـق الزكــي

لبحـر أمـدتـه عنـايـات التـقـى

فاعجب لبحـر فــي الثـرى طُـوي

حيـاتـه مـرت بأحمـال علـى همم

مـنـهـاج شــرع جــده النبـي

يـا لهـف مجـد كـان فـردا نـابه

أرخ: بكـا (العـاكــف) المرضـي

 

فيكتب على ضريحه!!

 

فهذا أصلنا الشريف قد نقش على الحجر والخشب!  فأين البائسة في قولها:

 

"لعل آل الأتاسي في أولية نزولهم في حمص لم يكونوا ليجرؤوا ( ربما مخافةً أو أنفاً) أن يزعموا لأهل حمص ما زوَّره -فيما بعد- بعضُ أغبيائهم من انتمائهم إلى نسب هاشمي شريف"

 

من هذه الشواهد التي خلد بعضها على الورق، وبعضها منحوتا على الحجر، وبعضها على الرخام، وبعضها على الخشب!

 


 

ومن الكذب أيضا في قولها:

 

 

"و ظل الأمر على هذا النحو ، و ظلت الأسرة لا تنكر أصلها التركماني ، بضعة قرون ، وهم في منأى عن حمى النسب الهاشمي المعدية التي ألَـمَّتْ بمعظم الأسر الحمصية في القرون الأخيرة"

 

أقول: وهل أجدادنا علماء آل الاتاسي على درجة من ذاك الغباء الذي أصيبت به حتى يعترضوا على نصوص المؤرخين!!  فإن الغبي الجاهل يحسب وصف السيد أحمد بالتركماني أمرا قد قطع كل ريب وشك بعروبتهم، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة!!

 

وإنما نسب الحنبلي العلامة الأطاسي إلى التركمان من باب نسبة الناس إلى البلاد التي أتى أجدادهم منها، أو حلوا بها فترة معتبرة من الزمان، ولا يعني هذا بالضرورة أن هؤلاء المنسوبين هم من أهالي تلك البلاد الأعجمية الأصليين، بل لعلهم نزلوها لسبب من الأسباب، وزان المقام لهم بها برهة وطاب، وهذه عادة المؤرخين القدامى، فمن ذلك أننا نفس المؤرخ، أعني الرضي ابن الحنبلي  والذي لقب الأطاسي "بالتركماني"، نجده يقول في ترجمته لأحد قضاة حماة، الشيخ محمود بن علي ابن محمد بن مصطفى، والذي وصفه كذلك بأنه تركماني الأصل، الحموي، الحنفي، نجده يقول فيه: "وأخبرني (أي المترجم)-وهو صدوق-أنه حسيني، موسوي، وأن جده مصطفى هذا هو صاحب الكرامات والمزار الذي يزار بسيجر (شيراز)"، إذ لم يمنع وصفُ الحنبلي للمترجم بأنه "تركماني الأصل" عن تصديقه كونَ المترجم حسيني الأصل عربي المحتد.  ومن ذلك أيضاً إخبار ابن الحنبلي عن أحد المترجمين أنه "السيد الشريف الحسيني، العجمي الشرواني، الشافعي"، فنسب المترجم إلى الحسين السبط رضي الله عنه، ثم نسبه إلى شروان من بلاد العجم، فلم يمانع كونه من الأعاجم أنه حسيني الأرومة والنسب، عربي الأصل والحسب.  ومثال ذلك ايضا ما سرده الغزي في الكواكب السائرة من ترجمة لأحد الرجال فقال في ترجمته: "محمد بن العجمي الحنبلي: محمد بن أحمد  بن علي بن ابراهيم بن أقضى القضاة، السيد الشريف ناصر الدين أبو عبدالله العجمي الأصل، الحلبي المولد، الإردبيلي الخرقة، الحسيني الحنبلي..."  فكيف يجتمع الوصف بأصله العجمي، مع كونه سيدا شريفا حسينيا؟؟ 

 

فأنت ترى أن هذه الأوصاف كانت أوصافا جغرافية بحتة، لم تكن نعوتا إثنية، كما جعلتها البائسة التركمانية يشار أيهن جهلا وكذبا من عند نفسها! وهذا الأمر يعرفه كل من اطلع على كتب التراجم اطلاعا واسعا وقرأ ما بين الدفتين، وأمعن النظر وشغل الفكر، وأعمل العقل، وقارن وحلل، أما من اكتفى بخدش السطوح، وحاقت في نفسه الاحقاد، فيترجم النصوص بما يتلاءم مع أحقاده وحشاشات نفسه!

 

فهل كان علماء آل الأتاسي على درجة من السطحية والجهل وعدم الاطلاع -كهذه البائسة- حتى يؤلفوا الكتب لينكروا على الحنبلي مقالته! لا والله ليسوا كذلك! فقد فهموا قصده، وأغناهم عن التأويل شهرة شرفهم ومعرفة الناس جميعا بها كما تقدم!

 

ومن الجهل الشديد الظن بان كل من ولد في بلاد العجم أو الروم أو الهند أو التركمان أو الفرس أو الكرد وجاء منها لا بد أن أصله عجمي أو رومي أو هندي أو تركماني او فارسي أو كردي!!  بل من الجهل الشديد تجاهل النصوص التاريخية الهائلة في أمهات الكتب التي وصفت هجرة الكثير من العرب بمختلف قبائلهم واستيطانهم لكل هذه الأماكن حتى اندمج أجدادهم مع الأهالي، فمنهم من ذاب أصله، ومنهم من حافظ عليه.    

 

وأنا هنا لن أتطرق لكل العرب الذين هاجروا إلى بلاد الاعاجم، ولكني سأذكر أمثلة قليلة -من بحر لجاج- عن أسماء مؤلفات ذكرت رجالا من آل البيت انتقلوا إلى هذه المناطق.

 

ينقل لنا  السيد النسابة ابراهيم بن ناصر طباطبا (من أعلام القرن الخامس الهجري) في كتابه: "منتقلة الطالبية" أسماء عدد هائل من أجداد الأشراف الذين استوطنوا بلاد العجم وتوالدوا فيها، فذكر على سبيل المثال لا الحصر: 80 هاشميا بين حسني وحسيني وجعفري وحنفي انتقلوا إلى طبرستان، وأكثر من 30 شريفا آخرين انتقلوا إلى جرجان، و15 رجلا إلى خراسان، و15 رجلا إلى سمرقند (التي أتى منها الأشراف آل المرادي مثلا)، وعددا آخر انتفلوا إلى الروم، ورواند، وطبرستان، وسجستان، وسمرقند، والسند، وقزوين، وكرمان، وكابل، ونيشابور، وخراسان، والهند،وبخارى، وزنجان، وهراة، ومرو!!

 

فإذا كان هذا الجمع الكبير من هؤلاء الهواشم قد انتقلوا إلى بلاد العجم في وقت بعيد، في القرون الأربعة الأولى من الهجرة، فما بالك بأعداد المنتقلين إليها في القرون التي تلت؟  ثم ما بالك ببقية أحياء العرب وقبائلهم التي انتقلت إلى تلك البلاد مع الفتوحات العربية؟  

 

ومن أحب أن يستزيد عن أسماء الأشراف الذين انتقلوا إلى بلاد التركمان في القرون الإسلامية الأولى فلينظر كتبا كثيرة جدا، ليس أقلها: "سر السلسلة العلوية" لأبي النصر البخاري (من أهل القرن الرابع) و"تهذيب الأنساب ونهاية الألقاب" لشيخ الشرف العبيدلي (من أهل القرن الخامس)، و"المجدي في أنساب الطالبيين" لعلي بن محمد العلوي العمري (من أهل القرن الخامس)، و" لباب الأنساب والألقاب والأعقاب" لابن فندق (من أهل القرن السادس)، و"الشجرة المباركة في أنساب الطالبية" للفخر الرازي (من أهل القرن السادس)، و "الفخري في أنساب الطالبيين" للمروزي (من أهل القرن السادس)، و"الأصيلي" لابن الطقطقي (من أهل القرن الثامن)، و"عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب" لابن عنبة الحسني (من أهل القرن التاسع)، "بحر الأنساب" للنجفي (من أهل القرن التاسع)، وغيرهم كثير جدا، وهذه الكتب اختصت فقط بذكر الهواشم.

 

ثم تأتي البائسة يشار فتجزم وتبت وتقطع بأن كل من ادعى أصلا عربيا وكان جده قد جاء من هذه البلاد فهو تركماني، تركماني، تركماني!!!!  أمعقول يا أستاذة؟ وهل انتقلت الديانة الإسلامية والحضارة العربية -بحروفها وشعرها وأدبها- إلى هذه البلاد عن طريق اللاسلكي؟  هاتِي لنا التفسير العلمي المشابه لذلك التفسير الذي ما فتئتِ تتبجحين به في وصف الجنين والماء الذي يغمر رئتيه، الأمر الذي تعلمناه كلنا في المدرسة المتوسطة!

 

وهذا الأمر لا يخفى إلا على جاهل، أو غبي، او مكابر!!  فلتنظر البائسة يشار أي هذه الأوصاف أجدر بها!

 

تقول البائسة:

  

"وظل الأمر على هذا النحو ، و ظلت الأسرة لا تنكر أصلها التركماني ، بضعة قرون ، و هم في منأى عن حمى النسب الهاشمي المعدية التي ألَـمَّتْ بمعظم الأسر الحمصية في القرون الأخيرة"

 

أقول، وقد أجبنا على هذه الكذبة بالتفصيل، ولكن مع ذلك إليك مخطوطة بيد أحد أجداد الأسرة ومن أشهر علمائها العلامة السيد ابراهيم الأتاسي وخطيب جامع سيدي خالد وهو(شقيق جد جدي) ، ماذا يقول عن أصل آل الأتاسي هذا السيد؟

 

 

يقول:

 

"أما النسبة إلى الأتاسي فالمسموع خلفاً عن سلف أن أصلها العطّاسي وهذه النسبة إلى الجد الأعلى الذي سمع عطاسه في بطن أمه فلقب بالعطاسي ثم أنه نظراً لقرب العين من الهمزة صحفت إلى الأطاسي واشتهروا بهذه النسبة وبعده أيضاً صحفت الطاء إلى التاء فاشتهروا بالأتاسي، أما الشيخ علي الكبير فإنه حضر من اليمن إلى حمص وتوطن بها خادماً للعلم الشريف"

 

فانظر هل يجتمع هذا مع كلام البائسة أن أجداد آل الأتاسي أقروا بتركمانيتهم، أو أنهم أنكروا أصلهم العربي؟

 

ثم هي تتابع في كذبها، فتقول:

 

"وحتى في أوائل القرن العشرين كتب الشيخ محمد أبو السعود الأتاسي مخطوطاً ، نشره الأستاذ باسل الأتاسي ، ذكر فيه بشكل موجز و دقيق سلسلة آباءه و النابهين من آل الأتاسي فلم يذكر شيئاً من أكاذيب انتسابهم إلى آل البيت الهاشمي . و لم يذكر – على اهتمامه بذكر أمجاد آل الأتاسي – لم يذكر أن أحداً منهم (و جلهم علماء و وجهاء ) تقلد نقيباً للأشراف !!"

 

وهل ذكر السيد أبو السعود رحمه الله بالمثل أن آل الاتاسي تركمان؟  بل هل وجدت البائسة جدا واحدا من أجدادنا يذكر تركمانية أصله؟ ثم هل كان غرض السيد أبي السعود رحمه الله أن يكتب عن أصول أسرته أم أنه أراد أن يسلسل لأسماء من تولى الفتوى منهم فقط، كما ذكر صريحا في مقدمة بحثه؟  ثم ما بال هذه التركمانية لا تعبأ لما كتبه من هو أقدم وأكبر وأجل من السيد أبي السعود، من هو في مقام أبيه، بل هو عمه شقيق والده، أعني السيد ابراهيم الأتاسي، عن كون آل الأتاسي أصولهم يمنية؟

 


   

ومن خليط الجهل بالأكاذيب قولها:

 

"وقد كانت نقابة الأشراف في حمص محصورة في أسرتين معروفتين ، وهم : آل الزهراوي و آل الحراكي . و لم يكن لآل الأتاسي فيها (أي في نقابة الأشراف بحمص) مثقال حبة من خردل .. عبر تاريخهم الطويل في مدينة حمص و الذي امتد حوالي خمسة من القرون !!"

 

أولا: تولى نقابة الأشراف عدد كبير من الأشراف خارج هاتين الأسرتين:

 

فتولاها على الأقل أربعة من الأشراف آل الشيخ زين البرمي، واثنان من الأشراف آل طليمات، وواحد من آل الأتاسي، واثنان من آل كرم جاويش، وثلاثة من آل الكيلاني، وواحد على الأقل من آل العلواني، وستة من الأشراف آل الجندلي الرفاعي، وآخرون كثرة لا نعرف أسماء أسرهم ولكن ظهروا في الوثائق القديمة!  فانظر كيف حصرت جهلا وكذبا النقابة بأسرتين!

 

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فليست كل الأسر الشريفة ملزمة بتولي النقابات!   الدارس لتاريخ مدائن الشام يعرف أن النقابة كانت دائما محصورة في أسر قليلة تتبادلها، مع وجود أسر كثيرة أخرى لم  تتولاها أو قد تتولاها مرة أو مرتين فقط.  هذا لا ينفي شرفها.  والنقابة لم تقم لينظر النقيب في أحوال أسرته فقط، بل في أحوال جميع من انتسب إلى آل البيت في مدينته.

 

فمن الجهل الشديد أن يقال: يلزم أن يكون في كل مدينة أسرة واحدة فقط أو اثنتان من الأشراف تتبادلان النقابة ولا تسع المدينة العثمانية أكثر من أسرتين!  هذا هو تفسير المقولة الركيكة غير العلمية أعلاه!

 


 

  ومن الكذب أيضا قولها:

 

"برجوعك إلى كتاب الأستاذ المؤرخ المدقق : نعيم الزهراوي عن مدينة حمص و أسرها ، ستضحك ملء شدقيك و أنت ترى عشرات و عشرات من الأسر الحمصية تنتسب كلها – نعم كلها – إلى الحسين (ع).. نفسِه أجَلْ.. لا غيره !!."

 

فأولا وصفها لهذا الكاتب بالمؤرخ المحقق هي أكبر كذبة قالتها في مقالها!

 

فلنمر مرورا سريعا على معرفة هذا الرجل بالتاريخ واللغة العربية والأنساب، حتى أنه أصبح في نظرها (وفي نظرها وحدها) محققا مؤرخا.

 

ماذا قال الزهراوي في أسرة الفيصل؟

 

 

نعم أعزتي! هذا الباحث المؤرخ المحق ينسب قبيلة طيء إلى بني هاشم القرشيين!! وقد فعلها مرتين في كتابه!

 

وهذه المرة الثانية:

 

 

حسنا، ماذا عن آل ادريس، ما رأي المحقق المؤرخ في أصولهم؟

 

هذا ما يقوله:

 

 

لقد جعلهم من ذرية الأمير عبدالقادر الجزائري المشهور، مع أن الزهرواي يقول فيهم أن جدهم قدم حمص قبل عام 1860م، أما الأمير عبدالقادر لم يأت الشام حتى عام 1855، وتوفي عام 1883م، فكيف تكونت أسرة ادريس في حمص بهذه السرعة، ونمت وتكاثرت، حتى أن أحد بنات الأسرة حسب الوثيقة التي أوردها الزهراوي توفيت قبل عام 1312هـ (1894م)، يعني بعد وفاة الأمير بعشرة سنوات تقريبا،  فهل والدها "مصطفى ادريس" هو ابن مباشر للأمير لم تذكره المراجع ولا اعترف به آل الجزائري في دمشق؟  وكيف لم تبين الوثيقة انه ابن أشهر شخصية في بلاد الشام في ذلك الوقت؟

 

أتدرون من أي جاء هذا الخلط العجيب؟ الزهراوي قرأ في كتاب "الروض البسام" لأبي الهدى الصيادي ما نصه: "ومن الفاطميين بالشام آل ادريس (يقصد الصيادي الأدارسة، أولاد سيدنا ادريس الأول ملك المغرب)، ]وهم جماعة كثيرون بصيدا وديارها..." إلى أن قال: "ومن آل ادريس بدمشق بنو المرحوم الأمير الشهير الغطريف الكبير السيد عبالقادر بن محيي الدين الجزائري الحسني نزيل دمشق"

 

فقاد المؤرخَ الفذ المحقق فهمه السقيم للنص وقلة اطلاعه على كتب الأنساب إلى هذا الاستنتاج! فهو حسب أن الصيادي اراد بقوله "آل ادريس" أسرة ادريس بحمص، مع أن الصيادي ذكر دمشق، لا حمص، وعنى بآل ادريس جميع الأشراف الادارسة -وهم قبيلة كبيرة جدا في المغرب والشام ومصر والحجاز- ولما قرأ الزهراوي كلمات الصيادي: أن آل ادريس بنو الأمير عبدالقادر في دمشق، قفز قفزة كبيرة على النص، فأوله تأويلا عجيبا، فجعل بيت ادريس بحمص أولادا للأمير عبدالقادر الجزائري بناء على هذا الفهم، مع أنه هو نفسه يعترف أن تواجدهم في المدينة قد سبق تواجده في الشام أو وازاه!  هذه تأويلات المؤرخ المحقق الزهراوي!

  

هاكم مؤرخكم المحقق يا يشار الذي تنقلين عنه أكثر ما تكتبين!

 

حسنا، كيف يتكلم الزهرواي عن أصول الأسر الكريمة التي لم تؤذيه يوما، ولكن في قلبه منها كراهية لا يعلم سببها إلا الله؟

 

كما ذكر آل الدالاتي بحمص، هكذا:

 

 

نعم! هو يصف أجدادهم باللصوص وقطاع الطرق، فليس غريبا أن ترفع عليه مثل هذه الأسر الكريمة البريئة عن كل ما وصمهم به قضايا في المحاكم!!

 

ماذا يفعل عندما ينقل "المؤرخ المحقق" نقلا حرفيا؟  أتراه يخطئ مرة في النقل؟ مرتين؟ ثلاث مرات؟ أربع؟

 

قارن النقل الحرفي، أما نص الزهراوي، ناقلا عن السيد ابي السعود:

 

 

 

وهذا النص الأصلي للسيد أبي السعود الأتاسي الذي ينقل لنا منه الزهرواي:

 

 

 

لن أدخل كثيرا في التحريفات البسيطة، فقد عددت والله من الغلطات والزيادات والنقصان في ما ينقله من نصوص تاريخية -وفي صفحة واحدة- ما يزيد على عشرة أغلاط، في كتب الزهراوي المؤرخ المحقق، لذا سأقوم بسرد الكبيرة الفاضحة من "الهفوات"، المتعمدة وغير المتعمدة:

 

في ترتيب أسماء من تولى الفتوى أدخل الزهرواي عبارة: "وأصنف أنا المؤلف"، ثم خلط خلطا عجيبا في أسماء المفتين وترتيبهم، فجعل أول مفت منهم السيد توفيق الأتاسي المتوفي عام 1960م!!، ثم بعده جعل والدي مفتيا لحمص، مع أن والدي مهندس ولد ونشأ في دمشق وعاش في الحجاز ولم يدرس الشريعة، ولم يسكن حمص قط! وهو أطال الله في عمره حي يرزق!، ثم أتى بعده الشهاب أحمد الأطاسي المتوفي عام 1004 هجري، وطبعا نسي المفتي أحمد بن محمود... وبعد هذا الخلط كله، يزيد هذا "المحقق المؤرخ" فقرة على هذه النبذة المنقولة عن السيد محمد أبي السعود لم ترد في المخطوط الأصلي!!!

 

فيقول:

 

هذه ترجمة أحد أجدادنا..." إلى أن يقول: "وهي ما تؤيد ما كتبه المحبي عن نسب عائلتنا كما ترى"!!  فهذه أمانة النقل عند الزهراوي، ها هو يضيف فقرة كذبا وزورا وبهتانا على مخطوطة أبي السعود يريد بها أن يقول على لسانه كلاما كان العلامة أبو السعود بريئا منه، يهدف بها أن يستدل زورا على أن ابناء الأسرة يؤيدون هذا الأصل التركماني!! 

 

فتابعي في النقل عنه يا يشار في ما تسميه "كتبا" و"أبحاثأ" ، بما فيها المقولة المكذوبة على لسان الشيخ طاهر الرئيس، فكتبك وأبحاثك ستكون بنفس الأمانة التاريخية، والتحليل العقلاني، والنقل الصحيح للنصوص!  ولكن ما يهمك؟ فالمهم هو الشاذ من النصوص، والغريب من الاخبار، من كل ما يجعل الدنيا بأسرها تركمانية!

 


 

ومن الكذب المخلوط بالجهل قولها:

 

"ببساطة لأن آل الأتاسي كانوا في ما مضى من تاريخهم القديم ناساً من الناس ، من بسطاء التركمان ، لا مجد لهم و لا سابقة من سؤدد و لا جاه حتى كتب الله لجدهم أحمد (المفتي الأول من سلالتهم) أن يلقى السلطان العثماني سليمان بمعية شيخ آخر ، فيرضى عنه السلطان و يسند إليه هذا المنصب الديني الجليل عند العثمانيين و عند الناس في زمنه .."

 

نعم، قد كان السيد أحمد الأطاسي رجلا مسكينا من البسطاء، حتى حالفه الحظ فقابل السلطان العثماني بمعية شيخ آخر من البسطاء وضحك على لحيته، فأعطاه السلطان الفتوى الحمصية عن غير استحقاق، ومن هنا انبثق مجد آل الأتاسي.   هكذا سيكون التاريخ لو قدر للباحثة القديرة بأسلوبها الجميل "الموثق" أن تعيد صياغته! 

 

ولكن هل يتفق معها المؤرخون الذين تنقل هي عنهم؟ وهل وصفوا السيد الأطاسي وأسرته بهذه الأوصاف؟ هل أخبروا عن  بساطته وضحكه على اللحى؟

 

يقول لنا المحبي في ترجمة الشهاب الأطاسي واصفا إياه: "الفقيه المعمر، الحنفي المذهب، مفتي حمص وعالمها، كان من الصدور الأفاضل، وله في التحقيق الباع الطويل.  أخذ بحمص عن ابن كلف الرومي، وصحبه إلى القدس، وشاركه في القراءة عليه الشيخ عبد النبي ابن جماعة، ودخل حلب، ولازم الشهاب الأنطاكي صديق جده، ثم عاد إلى حمص وقد زاد علمه، وولي بها تدريساً والنظر على مقام سيدي خالد بن الوليد رضي الله عنه"

 

وصف هذا الرجل البسيط بالتصدر بالعلم والتحقيق والفضل، ووصف رحلاته من أجل التحصيل العلمي في القدس وحلب.

 

فكيف وصفه رضي الدين ابن الحنبلي؟  قال في حقه: "فاضل، صالح، فالح"

 

كيف وصفه الإمام الغزي؟  قال: "المحقق المحرر المعمر"، ثم قال: "وبقي يتردد بعد ذلك إلى دمشق فاجتمعنا به مراراً.  وكان فاضلاً صالحاً معظماً.  وكان شيخنا القاضي يترجمه بالعلم والتحقيق، والتفنن في العلوم ويقول: أنه من أقران شيوخه"

 

هذا هو السيد أحمد الأطاسي، مجرد رجل بسيط، حالفه الحظ في تولي الفتوى، والحمد لله.  

 

ماذا عمن سبقه من هؤلاء البسطاء الأتاسيين الذين لم يكن لهم مجد يذكر قبل أن يتفضل عليهم السلطان بمنصب الفتوى؟

 

طبعا نسبت أو تناسيت الأستاذة أن تنقل لنا ما ورد في تراجم ابن الحنبلي والمحبي.  قال ابن الحنبلي يصف جد الشهاب الأطاسي في ترجمة العلامة الأنطاكي:

 

"وله من التآليف "مناسك" حمله على تأليفه الشيخ الفاضل السالك العارف بالله تعالى علاء الدين علي ابن الأطاسي الحمصي، حين مر عليه بحمص متوجهاً إلى زيارة بيت المقدس في حدود سنة أربع وأربعين وتسع مئة (1536م)، وأخبرني أنه لما مر عليه أنزله في منزله، وصوّمه رمضان عنده، وسأله في كتابته، فامتنع، فأحضر له "الهداية"  وشروحها سبعة عليها، فلم يسعه إلا أن كتب ذلك، وجعل مبناه على عبارة "الهداية"، وأضاف إليها فوائد وأشياء، بها حصل تحريرها هذا"

 

وقال في ترجمة السيد العلامة القاضي الزاهد محمود التركماني الموسوي:  "وتلمذ في العلم الظاهر للشيخ علي بن الأطاسي الحمصي الحنفي"

 

وذكره أيضا مستقيم زادة في "مجلة النصاب" وأنه صاحب الكرامات الربانية والإكرامات السبحانية، وعرج على ذكره أيضا المحبي والغزي والطباخ.

 

ماذا عن وصف المحبي لأقارب الشهاب الأطاسي وأسرته؟ ماذا قال فيهم؟  قال: "وبالجملة فبيتهم بيت ظاهر البركة، وخرج من فضلاء ونبلاء عدة".  هكذا أخبرنا المحبي عن هؤلاء البسطاء الذين لم يكن لهم مجد يذكر، أو حي يطرق.  ولكن هذه العبارات ليست مهمة في الترجمة، ما يهمنا فقط هو وصف المؤرخ للسيد أحمد الأطاسي بأنه تركماني، وكل ما سواها نرمي به عرض الحائط، ونغض عنه طرفا، وندلس فنقول: كانت أسرة بسيطة لا ذكر لها حتى حالف أحمد الأطاسي الحظ فتولى الفتوى عن غير حق.

 

أما الأربعة القرون التي تلت عصر الشهاب الأطاسي، والمليئة بأعلام الأتاسية من علماء وفضلاء ومحسنين وأدباء وشعراء وساسة وزعماء، فهي الأخرى أيضا تدل على أنهم أسرة خاملة مكون من جماعة من البسطاء.

 


  

ومن باب الجهل المخلوط بالتدليس قول الكاتبة:

 

"ربط نسب آل الأتاسي( الأطاسي من غير تشديد على الطاء ،كما كانت تكتب في ترجمة أوائلهم) بآل العطّاس، لماذا ؟ لأن اللفظين متقاربان نوعاً ما"

 

أقول: وكأن هذا البسيط ابن البسطاء المدعو بباسل الأتاسي أحب أن يضحك على لحى الناس -كما ضحك من قبل جده الأعلى الشهاب الأطاسي في القرن العاشر الهجري على لحية السلطان سليمان فسلمه منصب الفتوى- فراح يراجع أمهات الكتب بحثا عن لقب لأشراف في اليمن يكون متقاربا لفظا مع لقب الأتاسي أو الأطاسي، فوقع على لقب "العطاس" فأعجب به وجعله لقبا لأسرته بعد أكثر من 400 عام من هبوطها حمصا، واخترع باسل قصة عجيبة غير موجودة!  وألف في ذلك التآليف!  (هذه صياغة تاريخية بالأسلوب اليشاري! اعتقد أني بدأت اتعلم كيفية ممارسة أساليب كتابة البحوث "الموثقة" من قراءتي لكتاباتها)

 

ولكن نسيت أو تناست أو تجاهلت تماما هذه الأستاذة أن اللفظين ليسا متقاربين كما زعمت، بل متطابقان! وأن لقب العطاس ليس وليد تدليسات باسل الأتاسي في القرن الخامس عشر الهجري، بل هو قديم قدم هذه الأسرة في حمص وقبلها!

 

فالشواهد على النسبة العطّاسية كثيرة فإن أجداد العائلة الأتاسية كانوا تارةَ يلقبون بالأتاسي وتارة بالأطاسي وتارة أخرى بالعطّاسي، فمثلاً نجد أن محمد بن أحمد بن محمود الأتاسي مفتي حمص في أوائل القرن الثاني عشر الهجري (أواخر القرن السابع عشر الميلادي) يذكره محمد المكي في يومياته فيقول مرة "شيخ الإسلام ومفتي الأنام الشيخ محمد أفندي ابن أحمد أفندي أطاسي زاده ،رحم الله أباه، ونصره على عداه"  ومرة أخرى فيقول "محمد المفتي ابن أحمد أتاسي زاده" ، وذكر المكي نزول مفتي الشام عنده علامة الشام في عصره وأستاذها المحقق العارف عبدالغني بن اسماعيل النابلسي لما زار حمص عام 1105 هـ (1693م) .  ثم نجد مفتي الشام المذكور يذكر في وصف رحلته من عام 1105 هـ في كتابه "الحقيقة والمجاز في الرحلة إلى بلاد الشام و مصر والحجاز" انه نزل على محمد الأتاسي مفتي المدينة فيقول في ذلك "ثم تلقانا صديقنا العالم الفاضل، والهمام الكامل، محمد أفندي الشهير بابن العطاس، مفتي السادة الحنفية، يومئذ بالديار الحمصية".

 

وهذه صورة المخطوط:

 

 

 

وقد طبع هذا الكتاب المشهور مرات وهو موجود في المكتبات!

 

ولكن يا ترى كيف سترد الأستاذة الباحثة؟  سيكون ردها كالآتي: إما أن العلامة النابلسي هو من جملة البسطاء الذين ضحك عليهم آل الأتاسي، أو أنه مشترك في التزوير وشهادات الكذب معهم حتى أنه شهد على شهرة لقب آل العطاس قبل أكثر من 300 عام!!  فلم يبق أحد يشهد صدقا في الدنيا! هذا هو الرد العلمي الموثق للباحثة يشار أيهن.

 

حسنا، إذن ما السبيل؟  كيف نسد عليها هذه التشكيكات بخلق الله أجمعين التي مللنا منها؟  لنرجع إذن إلى مرجع وصفته الآنسة بأنه لا مطعن فيه لأن أشار إلى تركمانية بعض الناس بما تحبه هي وترتضيه، فهي القائلة، أو صاحبها التركماني متخفيين بالأسماء الوهمية: 

 

"الأعلام للزركلي وهو مرجع أكاديمي رفيع الشأن شديد التوثيق لا مطعن فيه"

 

فماذا قال العلامة الموسوعي الزركلي رحمه الله (الذي لا طعن فيه) في شأن اللقب؟  هاكم صفحة من كتابه:

 

 

 

كيف تتوقعون ردة فعل الباحثة؟  هي بالطبع ستغير رأيها فورا بالمرحوم العلامة الزركلي!  كيف يجرؤ على التآمر مع باسل الأتاسي (مع أن الزركلي أصدر كتابه لأول مرة قبل ولادة باسل الأتاسي بأكثر من 20 عاما، وتوفي رحمه الله في العام الذي ولد به غريمها باسل الأتاسي)!

 

حسنا، ما بالكم بالوثائق المحكمية الشرعية الكثيرة التي أشارت إلى أن اللقب أصله العطاسي وعليها تواقيع وأختام العلماء والشهود والأشراف والقاضي الشرعي؟  (عفوا نسيت، هؤلاء شهود زور)

 

 

 

فإن قالت الأستاذة يشار: "أنا لا أؤمن حتى أرى صورا للقبكم العطاسي منحوتا في الحجر والرخام كما نحت شرفكم وانتسابكم إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) في أرجاء مدينة حمص!  فأنا أحب صور الكتابات التي تؤرخ للأحداث، ولذلك وضعت لكم صور الكتابات على جدار مسجد خالد بن الوليد لأثبت نقطة ما، حتى أنا لا أعرف ما هي"

 

يكون ردنا: حسنا.  هذا ضريح العلامة الزاهد الورع السيد محمد المحمود بن محمود بن عبدالصمد الأتاسي رحمه الله، الذي لقبه مؤرخوا حمص بـ "علامة حمص الأكبر"، المتوفي عام 1321هـ

 

 

وقد كتب عليه:

 

ذا رمـس طيـف (محمـد المحمـود)

والـروح فـي ملا العـلا المشهـود

بـل ذا مقـام غـاب فـي أطبـاقـه

بـدر الـهـدى وسـراج كـل مريـد
أسـتاذنا الغـوث العـطاسـي الـذي

بكـت السـمـاء لـنفعـه المفـقـود
كـم بيـن لـج شـريعـة وحقيقـة

قـد خـاض بالتـفويـض والتجريـد
لبـى النـدا ومشـت به الأملاك عـن

دار الـفـنـا نـقـلا لـدار خـلـود
زره فقـد خـطـه الجـلال مـؤرخا

ذا رمـس طيـف (محمـد المحمـود)

 

وهناك شواهد كثيرة لن أخوض فيها لقصر الوقت، واكتفي بهذه، عالما أن مآلها بجميع الأحوال هو الاتهام بالتزوير والرمي الكذب والضحك على اللحى، لأن هذه الاتهامات تصدر بسهولة عن الباحثين الكبار أمثال الأستاذة يشار أيهن.

 

وقد يقول القائل: ولكن مهلا! ماذا عما ذكره لنا "المؤرخ المحقق" نعيم الزهراوي (المليء كتابه بالتخبطات) في معنى كلمة الأطاسي؟  ألم تنقل لنا يشار هذا الكلام فقالت:

 

الأتابك : لقب تركي من ( أتا أو أطا ) بمعنى الأب أو الشيخ المحترم . و (بك ) و تعني الأمير .

فيكون معنى الأتاسي أو الأطاسي : أبوه أو شيخه

 

أقول: وكيف لا تنقل لنا الباحثة هذه النظريات التي تبين خطؤها أعلاه!  فهي تتصيد شواذ الأخبار عن معاصرين، وتترك القديم المذكور في أمهات الكتب مما سطره كبار العلماء والمؤرخين، وتعمد إلى نقل ما لا صحة له، مادام يوافق مرادها!

 

ونسيت أن "المؤرخ المحقق" الزهراوي، قد يؤكد أمرا في صفحة، ثم بعد صفحات يعود عنه صريحا!

 

فيعد أن جال جولة في نظرية معنى كلمة الأطاسي، متناسيا أن اصلها هو "العطاسي" كما أثبتنا أعلاه، فجاء لنا بنظرية عجيبة وتركيبات لم نجدها في كتب المؤرخين السابقين، فجعل كلمة أطاسي أو أتاسي نابعة من كلمة أتابك، قال بعد ذلك:

 

 

فالزهراوي نفسه يعترف أن الألقاب الثلاثة لآل الأتاسي هي الأتاسي، والأطاسي، والعطاسي، وبموجب وثائق كثيرة!  وبهذا يهدم كل ما عمله قبل صفحات قليلة بتفسير كلمة أتاسي أنها من "أتابك"!

 

(بالمناسبة لاحظ كيف أنه بدأ جملة بمبتدأ وختمها بدون أن يأتي بالخبر، وهذا كتبه مليئة به)

 

والزهرواي إذ يفعل، لا يعارض نفسه مرة أو مرتين، ولكن مرات. فها هو يذكر في الأجزاء المختلفة من كتبه وثائقا تبين أن لقب آل الأتاسي نتج عن تحوير العطاسي إلى الأتاسي، ثم يعترف صراحة بأن بطونا من الأسرة ما زالت إلى يومنا تلقب بالعطاسي ويذكر منها أفرادا!

 

 

 

 

 

 

 

وانظر كيف قام المحقق المؤرخ بنسبة الظلم إلى قوم الباحثة الأتراك...ومع ذلك فهي تنقل عنه ما تشاء من أمور وتترك ما لا يعجبها!

 

 


 

تضاربات وتعارضات:

 

في مقالة واحدة تخطها يد البائسة يشار أيهن من التعارض والتضارب ما يدل على تخيرها للنصوص بحسب ما يشفي غليلها.  نعطي بضع أمثلة ها هنا:

 

1) فهي تارة تبجل في شخص كاتب في معرض نقلها لأغاليطه عن تركمانية أصول الناس، فتكثر من مديحه والإشادة به عند نقلها من كلامه ما يوافق هواها، فلما تتوقف على ما لا تحبه مما جاء به نفس الكاتب، تجدها تسخر منه وتتهكم!

 

فهي تصف نعيم الزهراوي بـ "الأستاذ المؤرخ المدقق"، ثم بعد برهة قليلة تقول: "الذي ابتلع أكاذيب الأسر الحمصية كلها و مزاعمها في الانتماء إلى آل البيت الطاهرين".   مؤرخ مدقق، ومع ذلك تنطلي عليه حيل هذه الأسر الكاذبة الدعية، على حد قولها!

 

2) وقد يعجب أحدنا من التعارض الشديد في جملة واحدة: فهي تسخر من الكاتب، ثم ما تلبث فجأة أن توافقه عندما  يتفق حديثه مع أهوائها فيصبح كلامه قرآنا لا يتطرق الشك إليه!

 

فهي تقول عن الزهراوي أن شارك تلك الاسر الدعية في كذبها وتدليسها لما ذكر أصولها الشريفة، ولكنه بالطبع صدق وأخلص الكلام لما اعترض على كلام السيد باسل الأتاسي!  فإذا وافق هواها فصدوق، وإذا خالفه فكذوب!  ثم لا تأتي لا ببرهان، ولا دليل، ولا هم يحزنون، لا على صدقه، ولا على كذبه!  مجرد اتهامات ترميها بحسب ما يقتضيه فكرها!

 

3) قد تصف البائسة أجداد آل الاتاسي بأنهم أناس بسطاء غير متعلمين عند محاولتها إهانتهم لحقدها وحسدها، ولكنهم فجأة يتحولون إلى علماء وفقهاء متعلمين مطلعين إذا أرادت أن ترميهم (كذبا) بأنهم لم يكتبوا عن أصولهم الشريفة!

 

فهي تقول عن أجداد آل الأتاسي في مكان من مقالتها:  "لأن آل الأتاسي كانوا في ما مضى من تاريخهم القديم ناساً من الناس ، من بسطاء التركمان" في محاولة يائسة منها في إهانة آل الأتاسي...

 

ثم تعود فتقول: "والأقوى من ذلك كله ، أن يسمع و يقرأ علماء بني الأطاسي (الأتاسي) الأولون (و كلهم من العلماء الفقهاء، وليسوا من الأميين و لا من الجهلة المغمورين)"  

 

وهذا قمة التعارض والتخبط!  لا يعرف القارئ ما الذي تريده هذه "الباحثة"، فهي لا تعقد أمرها على أمر معين تعتمده وتنتهي إليه وتقف عنده، وإنما تغنّي بحسب ما يقتضيه السياق وبحسب ما يجول بفكرها في تلك اللحظة!

 

4)  تجدها تعترض على أنساب آل البيت (وهي كارهة للعرب عامة ولآل البيت خاصة) وتنفيها جملة وتفصيلا، وتتهم حمص بأنها تعج بأدعياء النسب (بدون دليل ولا برهان)  فتقول: "لا سيما أن ذلك كان ممتنعاً في مدينة تعجُّ بأدعياء هذا النسب ، و في خِضَمّ منافسةٍ شديدة من أُسَرٍ حمصية هي أعرقُ منهم قِدماً فيها ، وأعتقُ منهم في تأصيل هذه الكذبة و في حيازة شرفها في السجلات الشرعية".....

 

ولكن!!  ماذا عن نسب مؤرخها الزهراوي الذي تارة ترفعه إلى درجة التدقيق والتحقيق، وساعة تحط من قدره وتسخر منه؟ ماذا عن نسب أسرته؟  أليست أسرته من ضمن الأسر الدعية الكثيرة التي عجت بها حمص وماجت وكتب لها أن تؤصل الكذبات في السجلات الشرعية قبل قدوم آل الأتاسي (بحسب تعبيرها هي)؟  نعم، هي عند البائسة من تلك الأسر، ولكن البائسة عند نقلها لنا عن هذا المؤرخ حقده على آل الأتاسي يصبح بحسب تعبيرها: "هو من هو في نسبه الهاشمي الراسخ"، لأنه لو كان دعيا مثلهم في تلك اللحظة لما استطاعت أن تأخذ من كلامه وتبني عليه!  

 


 

علام يقوم البحث العلمي؟ وما هي مقومات الكتابات التاريخية الصحيحة؟  بماذا يتصف المؤرخ الموثوق؟

 

المؤرخ والباحث العلمي إذا كتبا فعليهما أن ينزعا عن نفسيهما قدر الإمكان نزعات النفس والحشاشات، وأن يحيدا في كتاباتهما قدر الإمكان عما يميل إليه المزاج والرغبات، وبطبيعة الحال تتصف أبحاثهما لا بالنقل فقط، ولكن بالنقل مع التحليل وإعمال العقل والمنطق، فإذا نقلا عن غيرهما كان نقلا صحيحا خاليا من التدليس، وأخيرا يكون ما تسطره أيديهما متصفا بالأدب وترك السباب والشتائم والسخرية، فإذا وجدت هذه السخرية طريقها إلى سطور الكاتب، ومزج معها استحقار مقصود للغير، علمنا فورا أن له أو لها نوايا بعيدة عن إظهار الحقيقة، نوايا لا تخلو من حقد وحسد وكراهية عمياء.

 

فللنظر إلى "البحث العلمي" الذي كتبته يد "الباحثة" يشار أيهن، هل تجتمع فيه وفي كاتبته هذه الصفات؟ هذه بعض مقتطفات من أسلوب الكاتبة:

 

1) وصف الآخرين بالجبن والغباء والزعم الكاذب:

 

"لعل آل الأتاسي في أولية نزولهم في حمص لم يكونوا ليجرؤوا ( ربما مخافةً أو أنفاً) أن يزعموا لأهل حمص ما زوَّره -فيما بعد- بعضُ أغبيائهم من انتمائهم إلى نسب هاشمي شريف"    

 

2) التعدي على الأسر الكريمة ورميها بالكذب المذموم والتنافس غير الحميد (والكلام هنا على أسر علمية)، والمقارنة بينها للذم والتفرقة:

 

 "لا سيما أن ذلك كان ممتنعاً في مدينة تعجُّ بأدعياء هذا النسب ، و في خِضَمّ منافسةٍ شديدة من أُسَرٍ حمصية هي أعرقُ منهم قِدماً فيها ، و أعتقُ منهم في تأصيل هذه الكذبة و في حيازة شرفها في السجلات الشرعية"

 

اتهام شديد للشريعة الإسلامية وقواعدها التي عليها بنيت معاملات المحاكم الشرعية وبها حكم العلماء والقضاة.....لا ينم إلا على علمانية صاحبته وكراهيتها لهذا الدين الحنيف الذي جاء فهذب قومها التركمان ووحدهم وجعل منهم قوما لهم ذكر وشأن!

 

3) وصف الدولة العثمانية (التركمانية)، تلك الدولة العظيمة التي بلغت في درجة توثيقها وأرشفتها لأمور الدولة مبالغا لم تبلغه الدول الحديثة، وصفها بالغباء والمسكنة، ثم مقارنتها مع النصارى والرهبان، تقارن أبطال الإسلام السلاطين العثمانيين ونساءهم بملوك النصارى ونسائهم!. 

 

 "أمام الدولة العثمانية المسكينة التي طالما ضحك هؤلاء و أمثالهم من المشايخ وخبثاء الدراويش على لحية سلاطينه اكما لعب راهب قروي كذاب اسمه راسبوتين بتاريخ روسيا و بنساء ملوكها و أمرائها في أواخر عهدها القيصري .."  

 

وهذا لأنها لم تتطلع على الأراشيف العثمانية وتاريخ المحاكم فيها والنقابات وطرائق التوثيق وسبل الضرب على يد المستهترين بقوانينها، وقد ألف في مدنية هذه الدولة العظيمة المؤلفون كتبا كثيرة من عرب وعجم ومستشرقين، وما زالوا إلى اليوم يدرسون سجلاتها في كل مدائن مناطقها المترامية الأطراف، والتي تعبر تعبيرا صادقا عن الحياة الاجتماعية في وقت  كانت العقيدة الإسلامية هي قانون تلك الحياة وقاعدتها، وكم من رسالة دكتوراة وماجستير قد كتبت في هذه المواضيع، والدارس لهذه الحقبة الإسلامية يعجب من هذه المدنية العظيمة لهذه الدولة الإسلامية.  والعجيب فوق هذا الوصف بالغباء والمسكنة، أنها تدعي إلى ذلك أن تركمانا كانوا يضحكون على لحى تركمان مثلهم، في حد زعمها! فأنت لا تدري هذه الكاتبة تريد أن تمدح قومها أو تذمهم!

 

 4) السخرية اللاذعة الذميمة غير المضحكة المعبرة عن سوء أدب صاحبها:

 

"ستضحك ملء شدقيك و أنت ترى عشرات و عشرات من الأسر الحمصية تنتسب كلها – نعم كلها – إلى الحسين (ع).. نفسِه أجَلْ.. لا غيره !!"

 

مع العلم أن قولها أن عشرات وعشرات الأسر الحمصية تتصل بالنسب الشريف هي مبالغة لا يقصد بها إلا التلاعب بالقراء والمزيد من السخرية، فإن الأسر الشريفة في حمص معروفة ومعدودة ولا تبلغ عشرات العشرات!!

 

5) السخرية مع وصف الناس بالكذب والمسكنة بدون أدنى دليل على صحة هذا الأمر!

 

 "لعلك ستضحك أكثر و أنت ترى الأستاذ نعيم الزهراوي ، صاحب الكتاب،( و هو من هو في نسبه الهاشمي الراسخ ) و الذي ابتلع أكاذيب الأسر الحمصية كلها و مزاعمها في الانتماء إلى آل البيت الطاهرين ، قد غصّ في كذبة بني الأتاسي المساكين"

 

6) السخرية مع قلة الأدب الشديدة والتهجم على شخص أحد الكتاب لأنه كتب بما يخالف هواها ورغباتها، ومرة أخرى اتهام بالتلفيق، لا تأتينا بدليل واحد عليه، بل أسلوبها عبارة عن مجرد كيل اتهامات عشوائية عمياء بالكذب والتلفيق يمنة ويسرة!:

 

"فألقمهم حجراً ثقيلاً هتـََمَ به ثناياهم ، وذلك حين عقّب على بحثٍ ضافٍ مضنٍ ألّـفه و لفّق حججه " الأستاذ باسل العطاسي ثم الأتاسي

 

 الثاني : أهم و أبقى فائدة في اكتسابه بكل بساطة ( و بطريقه) نسباً هاشمياً مصنوعاً جاهزاً كان قد تعب في تلفيقه و صناعته آل العطّاس اليمنيين من قبل ..!!"

 

7) الاتهام بالكذب مرة أخرى:

 

"بسيطة .. ليس أمام آل الأتاسي و الحالة هذه سوى أن يزعموا ( افتراضاً) أن جداً ما من أجدادهم الأولين من آل العطّاس اليمنيين"

 

8) والسخرية قليلة الأدب التي تنم عن قلة التربية والحقد الدفين، مرة أخرى:

 

"في أي مكان من بلاد الترك نزل هذا العالم القرشي الهاشمي الجليل ؟!! و متى يا ترى عاش هذا العالم العطّاس ؟!! ، و من كان من نسله الشريف من لدنه و حتى عرفنا واحداً من أحفاده أكرمه الله بالرجوع إلى بلاد العرب ، فكان رأس أسرة و سلسلة من المفتين الأحناف في حمص ؟!!"

 

9) قلة الأدب والسخرية، نعم، مرة أخرى!!

 

"بعض من نكات آل العطَّاس الأشراف الأكارم :

 

"لا بد لنا بعد هذه الجولة المتعبة من أن نروّح على القراء ببعض من مضحكات آل العطّاسي ثم الأتاسي الأشراف الأكارم (عليهم السلام ) ، و لن نأتيَ بشيء من عند أنفسنا"

 

10) والمزيد من السخرية وقلة الأدب، وكأنها لا تتكلم أبدا بأدب أو تعرف حسن الخطاب!

 

" يبدو أن هذا الجنين المقدّس لم يكن و حده من حاز هذه الكرامة ، بل هو من سلالة كاملة من الأولياء العطّاسين في أرحام أمهاتهم.."

 

11) وصف قبيلة من العلماء الأكابر والصالحين والمشايخ المتأدبين والشعراء المتعلمين والأدباء المثقفين الذين طارت شهرتهم بالأفاق، ألا وهي قبيلة السادة الباعلوية في اليمن والحجاز وجزر شرق آسيا، بنشر الأكاذيب، ثم تشبيههم برجال الكهوف!

 

"إذا جازتْ هذه الأكذوبة قديماً بين قوم كانوا أشبه بسكان الكهوف في جهلهم و إيمانهم بالخرافات و الشطحات"

 

12) رمي الناس بالكذب مرة أخرى مع سخرية وقلة أدب:

 

"و بطريقة خفية خبيثة -لم يكتفِ بما ذكر شيخه العطّاس الحجة الصَّدُوق ، بل أتبع ذلك بقوله :"

 

13) رمي الناس بالكذب والتلفيق والتحايل واختلاق شهادة الزور (بدون عرض أي دليل) مع الغباء

 

"لعل الأكثر إضحاكاً أن ترى الرجل يكذب كذبته اليوم ثم يصدّقها في غدٍ ، و ينسى أن ابتداءَ أمرِهِ كان اختلاقاً و تزويراً و بهتاناً ، و يغفل أو يتغافل عن أن الناس كانوا شهوداً على ما لفّق و زوّر ؛ فقد عمد الأستاذ باسل الأتاسي و بعض من آمن معه من آل الأتاسي ، وتواطؤوا على ترسيخ كذبتهم في انتسابهم إلى آل البيت النبوي"

 

14) اتهام غريمها بالكذب والتحايل مع قلة أدب شديدة هكذا (عيني كنت عينك كما نقول)، وبدون تقديم دليل!

 

"أما آخر حِيَلِ الأستاذ باسل الأتاسي المكشوفة المضحكة في طلي أكاذيبه فكانت أن يتوجَّه إلى آل الأتاسي ناصحاً لهم"

 

هذه بعض مقتطفات من هذا "البحث" العلمي الرصين و"الموثق"، بحسب تعبير هذه "الباحثة".

 

فإذا نظرنا إلى الفقرات التي كانت عبارة عن قلة أدب واتهامات بالكذب والتحايل والتزوير، بعضها شخصية لشخص هذا الفقير، وبعضها لأسر كثيرة وقبائل عديدة في حمص وخارجها، وبعضها موجهة للدولة العثمانية (الإسلامية)، لوجدنا أنها تكون "البحث" كله، بل هي "البحث" بذاته!!   ثم  وجه نظرك إلى ما في هذا "البحث" من نقل علمي، أو استنتاج منطقي، أو تحليل، أو فكر، أو أمر يستفاد، أو جملة فيها شيء من التأدب مع الآخرين، أو إحالة صحيحة على وثيقة، أو نقل من موثوقين، فإنك ستقرأ "البحث" مرات ولن تستخرج من هذه الأمور مثالا واحد.

 

هذه هي الباحثة التركمانية يشار أيهن، وهذه هي مقومات بحوثها التي هي تصفها بـ"الموثقة".   نعم، قلة الأدب والسخرية، هي طريقة التوثيق عندها.