مفتي الديار الحمصية

شيخ الإسلام ومفتي الأنام العلامة الشريف القاضي الشاعر محمد طاهر أفندي بن محمد خالد الأتاسي

رئيس مؤتمر العلماء الأول ومندوب دمشق في دولة الاتحاد

1276 للهجرة (1860م)-1359 للهجرة (1940م)

 

 

جد جدتي لوالدي، شيخ الإسلام، خاتمة العلماء الأعلام، العالم الجليل الإمام، بل علامة بلاده الأكبر، نخبة الأخيار، وصفوة الأبرار، كان لأهل عصره علامة، بمسائل العلم فهامة، لا تنقصه مروءة أو شهامة، ولا تشوب تحقيقاته عيوب ولا بهامة، كان مجلسه مرام العلماء، وعذب كلامه مراد الزعماء، يتفوه بالبليغ دون عناء، فيلتئم من المثخن ما أعجز الدواء.  هو من ابتسم له الدهر وما أساء، وانتقاه من بين العلماء النبهاء، فتبوأ عن أهلية مقعد الإفتاء.  أحبه سكان بلدته، واختاروه لجود قريحته، وشدة شكيمته وعزيمته، وصدق أفعاله وصفاء نيته، واصطفوه ليكون لهم المندوب، فيزيل عنهم ما ألم بحياتهم من كروب، وما نزل عليهم من شدة الخطوب، فطفق يجتمع بزعماء البلاد المختارين، يدحضون حجج المستعمرين، وبمطالبة الحقوق ما زالوا مستمرين.  كان رحمه الله في غاية الإجتهاد، لا يغره بنفسه أي اعتداد، يفصله عن الإختيال كل ابتعاد.  كان، تغمده الله بالرحمة، عن الظلم مائل، وعن ممارسة الجور عائل، إذ كساه الله بأبهى الشمائل، وحلّى كسوته بأجل الفضائل، جعل الله أعماله لأعظم الأجور نوائل.

 

ولادته، نشأته، وطلبه للعلم:

ولد الأتاسي سنة 1276 للهجرة (1860م)[1] في حمص، في بيت يجليه العلم، ويجول بأروقته كل فهم، فكان في حقل المناهل كالنحل الرشيق، لا يفتر فوق خلاصة العلوم عن التحليق، يمتص من أصناف المعارف زبدة الرحيق.  كان والده مفتي حمص، وكذا كان عمه من بعد والده، فأخذ عن علماء أسرته، والده وأعمامه وأبناء عم أبيه، فدرس الفقه والحديث والتفسير واللغة، وبلغ من العلم درجات، وولج من بابه أعظم الوَلَجات، ثم سافر إلى الأستانة ودرس في مدرسة القضاء الشرعي فيها (مكتب النواب) ونال الدرجة الأولى عام 1883م، وعاد إلى بلاده ونزل دمشق، فأخذ عن السيد محمود الحمزاوي الحسيني، مفتي الشام، وعن شيخ الشام العفيف، المحدث الأكبر الشريف، بدر الدين الحسني، الغني عن التعريف، وتلقى الأتاسي العلم عن علامتي الشام الشيخ سليم بن ياسين العطار والشيخ بكري بن حامد العطار[2]، رحمهما الرحيم الغفار، وآخذ الأتاسي أيضاً عن عالم حمص ودمشق الشاعر محمد أبي الجود بن مصطفى خانقاه، ودرس عليه من الأدب أرقاه، ومن العلم أصفاه وأنقاه، وقد توفى الخانقاه عام 1291 للهجرة=1874م، وكان مقرباً عند شاعر الشام في أوانه أمين الجندي العباسي[3].

 

توليه للقضاء ولفتوى الديار الحمصية وتخرج العلماء على يديه:

وصار بعد رشفه للعلم عن أفضل الأفاضل مرجع العالِمين، ينشده من كانوا بأبهة تفوُّقِه حالمين، وعرفت الدولة العثمانية مقدار فطنته، فنصبته قاضياً في مدن عديدة، فتولى المنصب في حوران عام 1306 للهجرة (1890م)، ثم في نابلس، فالكرك، ثم دنزلي وأدنة من بلاد الروم، ثم في القدس الشريف، إلى أن نال منصب القضاء في البصرة.  ومنصب القضاء الشرعي في مدينة القدس يعتبر من أعلى رتب القضاء في السلطنة العثمانية إذ يأتي في الدرجة الخامسة بعد قضاء العسكر الروملي والأناضولي وقضاء الحرمين الشريفين، بينما يعتبر قاضي دمشق ثامناً من حيث الرتبة، ولا يتولى قضاء القدس إلا أكثر علماء الدولة تبحراً في العلوم الشرعية، ويعتبر من فئة "المولى الكبير".  ثم رسم للعلامة الأتاسي بالفتوى في بلده الأول حمص، وجاءه منشور المشيخة الإسلامية عام 1333 للهجرة (1914م)، فعاد إليها، وشرع بإفادة قاطينيها، وظل منارة للعلم مقصودة، ونبعاً للأداب منشودة.  وظل رحمه الله مفتي المدينة إلى أن وافته المنية، فكانت مدة إفتائه قرابة ربع قرن[4]

وأقبل طلاب العلم عليه بهمة قوية، يدرسون العلوم الشرعية والأداب العربية، ويأخذون عنه الفقه واللغة والحديث، فخرجوا من حلقاته علماء أفذاذ، وأضحوا بدورهم لعشاق العلم مقصداً وملاذ، فمن الذين استجازوه وسمعوا من فوائده الشيخ محمد العربي العزوزي الإدريسي الحسني، أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية، كما سيأتي، ومنهم الشيخ الدكتور الأزهري مصطفى السباعي الحسني[5] (المتوفي عام 1964)، والذي أصبح المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في بلاد الشام بعد تأسيسه لها، وأحد نواب حمص ودمشق في المجالس النيابية، له حزبه وأتباعه في المجلس النيابي، ومعلماً تخرج الكثير من مدرسته الفكرية، وكان المؤسس للكلية الشريعة الإسلامية عام 1955، وأول عميد لها.  وقد ذكر السباعي شيخه الأتاسي وأثنى عليه في مقابلاته ومقالاته. 

ومن الذين درسوا على الأتاسي العلامة زاهد بن عبدالساتر الأتاسي، مدير المدرسة الإسلامية الوقفية، والذي لازم الأتاسي فأجازه الأخير بسنده عن أجداده[6]، ومنهم الشيخ وصفي المسدي، إمام وخطيب ومدرس جامع القاسمي، والذي أدرك المترجم في آخر حياته فقرأ عليه كتاب جمع الجوامع، وكتاب الحكم العطائية، وكتاب التوضيح والتلويح في أصول الفقه، ولازم المسدي شيخه الأتاسي كذلك وأضحى مبيضاً لفتاويه، ومنهم محمد علي العطر، والشيخ محمود بن بدري السباعي، ومنهم الشيخ حسن شمس الدين الذي قرأ على الأتاسي كتاب جمع الجوامع في الفقه الشافعي[7]، ومنهم الشيخ طيب الأتاسي رحمه الله[8]، مفتي حمص فيما بعد، ومنهم الكاتب المؤلف خير الدين بن عبدالكريم بن طه شمسي باشا الحنبلي الحمصي، والذي درس على يد الأتاسي تفسير الكشاف للزمخشري[9]، وغيرهم أناس لا يحصرون.

ويجدر بالذكر أن الأتاسي كان له درس في جامع سيدنا الصحابي الجليل خالد بن الوليد بعد صلاة الجمعة، درس ورثه عن آبائه وأجداده، رحمهم الله[10]

 

 

العلامة محمد طاهر الأتاسي مع الملك فيصل بن الشريف حسين الهاشمي في منزل أبي النصر الأتاسي في حمص، وإلى يمين الملك السيد عمر الأتاسي قائم مقام حمص ورئيس الحكومة العربية بها

 

خوضه للسياسة وعمله لرفعة بلاده ورئاسته لمؤتمر علماء الشام الأول:

وعندما أراد الفرنسيس أن يجزؤوا البلاد، ويفرقوا شمل العباد، انبرى لهم ابن المترجم باجتهاد، واقترح إقامة استفتاء عام، فما وجد المستعمرون بداً من إقامة اتحاد، فصدر قرار بإقامة حكومة وحدة بين دويلة دمشق وحلب وبلاد العلويين في 29 حزيران من عام 1922، وانتخب خمسة مندوبين عن كل دويلة ليشغلوا خمسة عشر مقعداً، فكان الأتاسي ممثل مدينة حمص في دويلة دمشق، وكان معه فارس الخوري ومحمد علي العابد وعطا الأيوبي ممثلين لمدينة دمشق، وراشد البرازي مندوباً عن حماة[11].  وفي 10 كانون الأول 1922م قامت دولة الإتحاد وبدأ المجلس اجتماعاته وكان بمثابة المجلس النيابي المؤقت.  ولما شكلت لجان المجلس الأربع (المالية، الحقوقية، الملكية وفيها التجارة، والنافعة وفيها الزراعة) للنظر في الشؤون المطروحة على المجلس عين طاهر أفندي الأتاسي في اللجنة الحقوقية بالإضافة إلى حسن أفندي الأورفلي واسماعيل أفندي الهواش.  واستمر الوضع كذلك حتى أزال الفرنسيون الإتحاد في غرة كانون الثاني عام 1923م[12].  فكان العلامة الأتاسي بذلك ثاني مفتي الأتاسية خوضاً للسياسة العامة وتولياً للنيابة، وذلك بعد والده الذي كان نائباً في مجلس المبعوثان، وكان الشيخ طاهر رابع النواب من آل الأتاسي كافة، إذ سبقه إلى ذلك أخوه هاشم الأتاسي عضو ورئيس أول مجلس نيابي سوري (المؤتمر السوري)، وابن عمه وصفي الأتاسي (الآتية ترجمته)، عضو المجلس ذاته.

وفي 11 رجب عام 1357 من الهجرة (6 إيلول 1938م) اجتمع في دمشق الشام حشد من كبار علماء الشام والعراق بلغ عددهم مائة وخمسة، أموا الفيحاء من القدس ونابلس والنجف وبيروت وصيدا وطرطوس واللاذقية وحمص وحماة وحلب وأنطاكية وإدلب والباب ومنبج ووادي العجم والقنيطرة ودير عطية والنبك وعقدوا المؤتمر الأول للعلماء، وتباحثوا أوضاع العالم الإسلامي أياماً ثلاثة بلياليها ختمت بإصدار المؤتمر بياناً كان مفاد مقرراته: توضيح واجب العلماء في تبرئة الإسلام مما يصمه به المستعمرون، وكشف النقاب عن دواعي التفرقة التي يبثها المستعمر في البلاد باسم حماية الأقليات، والمطالبة بنشر العلم الشريف وإنشاء المدارس الشرعية وتأسيس معهد عال شرعي ضمن الجامعة السورية لتخريج القضاة الشرعيين والمفتين سداداً للحاجة الملحة لهم، وملء الشواغر العلمية بمستحقيها، وإحياء التراث التشريعي الإسلامي الجليل، والاهتمام باللغة العربية في المدارس، وإرسال بعثات أساتذة اللغة العربية إلى مصر للتخصص بدلاً من إرسالهم إلى أوروبا وتوضيح ما في ذلك من خطأ، وجعل اللغة العربية لغة دواوين الحكومة الرسمية والتأكد من سلامة المعاملات من الأخطاء اللغوية، وزيادة الدروس الدينية في المدارس وجعل المواد الدينية خاضعة لقوانين النجاح والرسوب، وتعيين مدرسين شرعيين من أجل تدريس الديانة الإسلامية، والمحافظة على الشعائر الدينية في المدارس، والدفاع عن الأوقاف الإسلامية الذرية استناداً على فتاوى العلماء بوجوب الإبقاء على الأوقاف، وإعطاء النظر في أمورها إلى علماء الدين، والاحتجاج على غصب الخط الحجازي لما فيه من عدوان على المؤسسات الوقفية المقدسة، وإصلاح المحاكم الشرعية وإناطة القضاء بالعلماء الشرعيين لا المدنيين، والمحافظة على الأداب والأخلاق العامة السليمة وإنزال العقاب بالمخلين بها، ومراقبة الأشرطة السنيمائية، والتضامن مع فلسطين المعذبة والاحتجاج الشديد على ما يجري فيها من الاعتداء على كرامة رجال الدينين الإسلامي والمسيحي، والاحتجاج على تعطيل المجلس الإسلامي الأعلى، وعلى الاستيلاء على الأوقاف الذرية، وتأييد قرار كبار علماء الأزهر الشريف برفض مشروع التقسيم، وتأييد فتوى علماء العراق من أهل السنة والشيعة باعتبار جهاد فلسطين جهاداً مشروعاً، وجمع الإعانات لمنكوبي أهلها، وإرسال تحية إكبار إلى شعب فلسطين الباسل وإلى زعمائه، والاحتجاج على ما كان يجري في لواء الاسكندرون من تشتيت للمسلمين واتنهاك لحرمات العلماء، وتأليف جمعيات للعلماء في المدن خلال ثلاثة أشهر من انفضاض المؤتمر واعتبار تلك الجمعيات لجاناً فرعية تنفيذية لللجنة التنفيذة المركزية للمؤتمر والمؤلفة من جمعية علماء دمشق، وتكرير عقد المؤتمر كلما ألحت الضرورة، وتكليف جمعيات علماء المدن بالإصلاح بين الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر الآداب الإسلامية وحمايتها في المدن والقرى، ووضع نظام للعلماء يعرف بموجبه العلماء ويبين واجباتهم وتعيين شعار خاص بهم يظهرهم على غيرهم من غير العلماء، وتأليف لجنة علمية عليا لتطبيق النظام وترتيب المسؤوليات المحتمة على العلماء، والعمل على توثيق الصلات بين علماء الأقطار وسائر الجمعيات الإسلامية، وتأييد اقتراح العلامة عبدالكريم الزنجاني من علماء إخواننا الشيعة في العراق بوجوب جمع كلمة المسلمين من مختلف المذاهب الإسلامية بالدعوة إلى عقد مؤتمر عالمي لعلماء المسلمين لتحقيق هذه الفكرة السامية، وغيره من المقررات المفيدة.  ووجه المؤتمر كلمة إلى رجال السياسة يطلب منهم التحلي بالوطنية والجهاد في سبيل حرية الوطن، والعمل على صيانة حقوق كافة الأديان كما أمر الشرع الإسلامي الحنيف، وعدم الرضوخ للمستعمر ودعاياته، والعمل على كشف المؤمرات التي تحاك على الإسلام باسم الأقليات، ووجه المؤتمر كلمة إلى علماء المسلمين في جميع الأقطار الإسلامية يدعوهم إلى عقد مؤتمر عالمي عام يكون صخرة في بناء حصن الإسلام وإلى عقد المؤتمرات المحلية أسوة بؤتمر علماء الشام للنضال ضد العدوان على الإسلام والمسلمين وتحقيق المبادئ الإسلامية التي إنما هي في خدمة الانسانية.  هذا هو اختصار مقررات ذلك المؤتمر السامية الشريفة، وكم نحن اليوم نفتقر إلى مثل هذه المبادئ العالية.  رحم الله العلماء وأكثر منهم في أمتنا وأفادنا بهم ودرأ الله بهم أخطار الزيغ والضلال عنا.   

وكان من أعضاء مؤتمر العلماء الذين نزلوا دمشق ليمثلوا مدينة ابن الوليد البهية واحداً وعشرين من أكبر علماء حمص هم الشيخ طاهر الأتاسي، والشيخ توفيق الأتاسي، والشيخ عاطف الأتاسي، والشيخ طيب الأتاسي، والشيخ عبدالقادر الخجا، والشيخ طاهر الرئيس، والشيخ مؤيد شمسي باشا، والشيخ مصطفى حسني السباعي، والشيخ عبدالعزيز عيون السود، والشيخ حسن شمس الدين، والشيخ عبدالفتاح المسدي، والشيخ رضا الجمالي، والشيخ أبو السعود عبدالسلام، والشيخ بدوي السباعي، والشيخ حسن الرفاعي، والشيخ صلاح الدين السباعي، والشيخ عبدالجليل مراد، والشيخ عبدالله الزهري، والشيخ محمد علي عيون السود، والشيخ محمد نديم الرفاعي، والشيخ محمد نور العثمان. 

ومن كبار علماء العصر الذين كانوا أعضاء في ذلك المؤتمر نذكر الشيخ ابراهيم الغلاييني، والشيخ راغب الطباخ، والشيخ سعيد الحمزاوي، والشيخ صالح الفرفور، والشيخ عبدالقادر المبارك، والشيخ محمد بهجة البيطار، والشيخ محمد الحامد، والشيخ عبدالرحيم الخطيب، والشيخ معروف الدواليبي، والشيخ مصطفى الزرقا، والشيخ هاشم الخطيب، والشيخ أبو الخير الميداني، والشيخ أحمد الدقر، والشيخ أمين الكيلاني، والشيخ محمد محاسن الأزهري، الشيخ صلاح الدين الأزهري، والشيخ عارف الدوجي، والشيخ عبدالرؤوف الاسطواني، والشيخ عبدالقادر السرميني، والشيخ جميل الشطي، والشيخ حسن الشطي، والشيخ حسن الميداني، والشيخ سعيد النعساني، والشيخ سليم الطيبي، والشيخ محمد الداعوق، والشيخ محمد سليم الحلواني، والشيخ محمد أحمد دهمان، والشيخ سعيد الجابي، والشيخ عبدالرحمن سلام، والشيخ عبدالكريم الزنجاني، والشيخ علي الدقر، والشيخ عيد الحلبي، والشيخ كامل القصاب، والشيخ محمد الكامل القصار، والشيخ محمود الشقفة، والشيخ محمود العطار، والشيخ مختار العلايلي، والشيخ مكي الكتاني، والشيخ ناصر الكتاني، والشيخ ياسين القطب، وغيرهم من أكابر العلماء المشاهير الغنيين عن التعريف، رحمهم الله رحمة واسعة وجمعهم في أعالي جنانه.  ولما انعقد مؤتمر العلماء اجتمعت كلمة العلماء على انتخاب العلامة طاهر الأتاسي رحمه الله رئيساً للمؤتمر[13].  

وبعد، فقد اشتهرت بلاغة العلامة الأتاسي وملكاته الأدبية اشتهاراً، وتداول الناس قصائده وتسامروا بها في المجالس، وفي يد الكثير من الناس اليوم في حمص ودمشق وغيرها من البلاد عدد من أشعاره، حتى قال في ترجمته السيد الجندي في كتابه "أعلام الأدب والفن"[1]:

"علمه وشعره: كان رحمه الله متبحراً في العلوم الشرعية والأدبية وقد فاق المرحوم والده بروعة شعره فانقادت لبلاغته وبيانه قوافي النظم ومن شعره قصيدة كان نظمها بعيد مولد النبي الشريف وهي 125 بيتاً ومطلعها:

 


 

يميناً بالمُحصّب لن يمينا
سقى كف الحياة حياً وحيّا
لعهدي عهديَ الأقوى يمينا
ثرىً كم فيه عَفَّرْتُ الجبينا


 

 

ومنها:

 


 

فيا عُرْبَ الأباطح أين كنتم
ووعدٌ بالرضا منكم فحسبي
أيا نسمات رامة فاحمليها
وقولي طارق دفعت إليكم
بكوثر قربهم أرويت حتى
بهم أحيا فتقتلني لحاظ
على أني بغير مديح طه
أراكم بين أحشائي قطينا
وان مطل الزمانُ به ديونا
تحيات وإن ثقلت حنينا
به الحاجات حباً مستكينا
شربت العيش بعدهم أجونا
فاشكرهم وهم لي قاتلونَ
رأيت الشعر هزلاً أو مجونا


 

 

وبعث إلى أبي الهدى الصيادي رحمه الله بقصيدة يمدحه بها وهو في أوج عظمته ومجده ومطلعها:

 


 

ليس إلا عليك المدار
 
أنت للكون بهجة ونضار
 


 

وهذه القصيدة يمكن أن يجعل منا الصدر عجزاً والعجز صدراً.  وله قصيدة غزلية بليغة في قافيتها ومعانيها وهي من النوع المهمل ومطلعها:

 


 

آه والوصل لرَّواع الأسود

أحورٌ حلو اللمى مر الصدود"
 


 

انتهى ما ننقله من ترجمة الجندي للأتاسي، وقصيدة الأتاسي في المديح النبوي التي سردها الجندي شهيرة لا زال بعض المسنين من مشايخ حمص يحفظنوها.  وقال في ترجمة العلامة الأتاسي الأستاذ عبدالإله النبهان[2]:

"كان الشيخ حريصاً على قراءة الأدب والشعر حتى في مرحلة الإفتاء وعندما كان منهمكاً في سهره المتواصل لإتمام "شرح المجلّة" وإخراجها، وكانت تحت يده مكتبة ضخمة غنية، وقد حدّثني السيد سعيد محمد كي السباعي أن الشيخ محمد نديم الوفائي زار المفتي فوجده يقرأ مسرحية "مجنون ليلى" لأمير الشعراء أحمد شوقي، فظهر عليه الاستغراب والدهشة: المفتي شارح المجلة يقرأ مسرحية شعرية!  فقال له المفتي: "ندّوا أقلامكم بالأدب"، فإنه كان يستروح إلى قراءة الأدب بأساليبه الجميلة وعواطفه الجمة من كتبه ذات الطابع القانوني الفقهي الجاف[3].  كتب المرحوم أدهم الجندي ترجمة موجزة للشيخ محمد طاهر وأورد له بضعة أبيات من شعره، ولم أرَ له شعراً مطبوعاً فيما عدا ذلك.  ثم وقعت على مجموعة شعرية خطيّة (كنّاش) فيها عدد من قصائد الشيخ تدور حول مديح بعض الولاة والعلماء إضافة إلى المديح النبوي، وتكثر في قصائده اصطلاحات الفقه وغيره، ويبرز تأثره الكبير بأساليب العصر العثماني وكأنه لم يتأثر بأساليب مدرسة الإحياء الجزلة العالية، مع العلم أن شعر أمير الشعراء شوقي كان يملأ سمع الزمان آنذاك" ثم يورد نماذج وقطع من قصائده التي أتينا عليها، ثم يقول: "وبين يدي قصيدة أخرى في خمسة وستين بيتاً يمدح فيها أستاذه الشيخ بدر الدين بن الشيخ يوسف المغربي ويعدّد فيها جملةً من مؤلفات أستاذه، وله غير ذلك من القصائد والمقطعات كالتهنئة بمولود أو تشطير أبيات أو تخميسها، وله في المديح النبوي قصيدة جاءت في 125بيتاً" انتهى الكلام للنبهان.  قلت: وانظر أيضاً ما قاله الشيخ عبدالهادي الوفائي والشيخ وصفي المسدي عن أدب العلامة الأتاسي في نهاية هذه الترجمة.

 

مصنفاته وآثاره الشرعية والأدبية:

واشتغل العلامة الأتاسي بالتأليف، فكان من مصنفاته:

1) إكمال "شرح مجلة الأحكام العدلية" في الفقه الحنفي، والتي بدأها والده خالد الأتاسي، وأكمل المترجم مجلداتها الأخيرة فجاءت في سبعة أجزاء، وقد سبق الحديث عنها في ترجمة الشيخ خالد، وقد طبع هذا المؤلف الضخم مرات في حال حياته وبعد وفاته ووزع الكتاب وانتشر وصار كتاباً يدرس لطلاب العلم.

2) "الرد على الأحمدية القاديانية"، طُبع مرة ولم تجدد طباعته[4].

3) "سواطع الحق المبين في الرد على من أنكر أن سيدنا محمد خاتم النبيين"، طُبع في حمص عام 1350 للهجرة (1931م)[5].

4) مجموعة فتاوى كانت عند الشيخ وصفي المسدي أحد تلامذته.

5) ديوان شعر كبير غير مطبوع[6].

 بالإضافة إلى مصنفات شرعية أخرى لم تطبع، ولا أدري إن كانت لا تزال موجودة.  هذا وقد كان الشيخ طاهر الأتاسي خطاطاً، خط بقلمه الشريف القرآن الكريم كاملاً ومن ذلك نسخة كتبها بخط الإجازة كانت موجودة في مسجد خالد بن الوليد ثم نقلت إلى متحف دائرة الأوقاف بحمص حيث هي الآن معروضة[7].

 

قصة عن فضائل الأتاسي:

أروي هنا خبراً عن شمائل العلامة الأتاسي حدث به عمي الدكتور خليل الأتاسي، شقيق الوالد، يرويه عن جده لوالدته الوزير فيضي بك الأتاسي، ولد المترجم، أخبر فيه عن فترة في حمص كان فيها بعض العوام الجهلة يستهزئون بالنصارى ويذلونهم في الشوراع، فإذا ما مر واحدهم برجل من أهل الكتاب في الطريق قالوا له: "طورق!"، أي انزل من على الرصيف فامشي في الطريق وتنحى جانبا، سخرية واستهزاءً، حتى ضاقت الأمور على النصارى، فلما بلغ هذا الخبر مسامع مفتي المدينة طاهر أفندي غضب غضباً، لأن هذا ليس من أخلاق المسلمين في شيء بل هو مناف لتعاليم الدين الإسلامي ومنفر عن الدعوة إلى الدين الحنيف، فأصدر الأتاسي لتوه فتوى معززة بالأدلة تمنع الناس عن مثل هذا الأعمال، فكان أن اضطر هؤلاء الجهلة إلى الكف عن عملهم، الأمر الذي رفع الحرج عن مسيحيي المدينة، وقد مر معنا قصة العلامة المفتي عبدالستار أفندي الأتاسي وكيف أجار أسر حمص المسيحية في منزله لما التجأت إليه بعد أن أغار البدو على حيهم فمنع الأتاسي عنها شر البدو واستضافهم في منزله أياماً في الحين الذي فرت فيه باقي العوائل التي كانت تسكن حي المفتي، ولذا تجد اليوم الأسر المسيحية في حمص تحب آل الأتاسي حباً وتقدرهم مع أن في حمص أسر مسيحية متعصبة لدينها، حتى أنهم كانوا يساندون الأتاسيين في الانتخابات النيابية وغيرها من أمور السياسة، رحمه الله[8].   

 

الأتاسي في مؤلفات الآخرين وعلى ألسنتهم:

وقد جاءت ترجمة العلامة وذكره في مؤلفات تاريخية عديدة، فقد قال فيه صاحب تاريخ حمص بعد أن ترجم له: "والمفتي طاهر الأتاسي عالم كبير وفقيه مشرع وبحاثة مدقق وشاعر محلق، وكانت مستعصيات المسائل الفقهية تأتيه من كل أنحاء البلاد السورية والعربية فيفتي فيها بإحكام ودقة"[9]

 

وذكره العلامة الشريف محمد العربي العزوزي الإدريسي الحسني، أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية في ثبته "إتحاف ذوي العناية" فقال: "ثم في سنة 1353 للهجرة (1934م) زرت مدينة حمص واجتمعت بجل علمائها وفضلائها، فمنهم المفتي الحالي العلامة النوازلي السيد محمد طاهر الأتاسي، بيتهم بيت علم وفضل وجاه ولعائلته الكريمة السيطرة ونفوذ الكلمة، زرته في بيته وأطلعني على شرح المجلة لوالده المفتي السابق وتكملته له، وكان إذ ذاك مباشراً لطبعهما، أجازني بما له من الإجازة العامة المطلقة عن والده وعن غيره من فضلاء عصره"[10].

 

وترجم له العالم والصوفي الشاعر والمؤرخ الشيخ عبدالهادي الوفائي في كتابه "التاريخ الحمصي" فكان مما قال: "الشيخ طاهر الأتاسي العالم الفاضل، أتقن جميع العلوم وفاق على الشعراء بالشعر، فكم له من قصائد رائقة وألفاظ دقيقة وقدودٍ شتّى، ولو كان عنده علم الموسيقا[11] لفاق على الشيخ أمين الجندي، وكان بالشعر يفوق على والده خالد أفندي المفتي"[12].

 

وأشاد به العلامة الداعية الدكتور مصطفى حسني السباعي وترجم له فقال في تأبينه في مجلة الفتح (ننقلها من كتاب "مصطفى السباعي: الداعية المجدد" للدكتور زرزور): "وهو المفتي الوحيد في بلاد الشام الذي يزن الأمور بميزان المصلحة العامة، ويطبقها على المقاصد الشرعية السامية، فإذا تحقق في مسألة من المسائل المعروضة عليه مصلحة عامة تعود على العلم أو الدين أو الأمة، التمس لها الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، أو أقوال مشاهير العلماء، ضارباً صفحاً عما هنالك من نصوص فقهية قد يحول الأخذ بظاهرها دون تحقيق تلك المصلحة المرجوة"، ثم قال: "وقلّ أن تجد في المفتين المعاصرين من له هذه الروح وهذه القوة، وهذا التمكن البالغ في فهم  دقائق الفقه الإسلامي ومقاصده"[13].

 

وذكره عدنان الملوحي، الصحفي، عندما ذكر آل الأتاسي في ترجمته للرئيس الجليل هاشم بك الأتاسي، فقال: "وكان عدد من هذه الأسرة من العلماء والأعلام، ومنهم كان يعين مفتي حمص على مدى عقود طويلة، وأذكر منهم، وأنا يومئذ صغير، الشيخ طاهر الأتاسي، وكان أبي الشيخ الإمام يزوره في مجلسه وديوانه في منزله في حارة "بيت الأتاسي" بالقرب من طريق الشام، وكنت أرافق أبي في بعض زياراته المعتادة للمفتي الشيخ طاهر، وكنت ألاحظ إهتمام سماحته بأبي وتقديمه على غيره من علماء ومشايخ المدينة وأئمتها"[14].

 

وقال فيه الشيخ وصفي المسدي، والذي لازمه صغيراً في آخر حياة الأتاسي ودرس عليه: "كان الشيخ طاهر أفندي في الحقيقة خاتمة العلماء، كان عالماً في جميع فروع العلم، بل وله باع طويل في التصوف والمنطق، وكنت قد فتحت معه درساً في أصول الفقه الحنفي فقرأ كتاب التوضيح والتلويح، فكنا لا نفهم الدرس لصعوبته فكان رحمه الله يفسره لنا"، وقال: "وفي الشعر كان شاعراً مجيداً، كلفه ذات مرة الإخوان المسلمون بقصيدة شعرية بمناسبة الهجرة أو المولد[15]، فكتب لهم قصيدة، وصعد إلى المنبر يومها الشيخ مؤيد شمسي باشا (مفتي الحنابلة بحمص) فألقاها، وهي قصيدة لها قيمتها، وكان الشيخ مؤيد يلقيها في المجالس"، وقال: "كان الشيخ طاهر رجل علم بحق، والكتب كانت حوله دوماً، وكثيراً ما وجد سارحاً في كتبه لياليا كاملة رحمه الله"، وقال: "وتوليت تبييض الفتاوى له فكانت كل فتوى درساً، وكان عالماً بضبط الأنغام والموسيقى، إذ أن ذات مرة طلب منه التلاميذ والمشايخ في حمص أن يعقد لهم مجلساً يستمعون فيه إلى قراءة الشيخ محمد رفعت، فعين طاهر أفندي لهم يوماً وأحضر له ولده فيضي المذياع، وجلسوا يستمعون إلى قراءة الشيخ والشيخ طاهر يشير بين الحين والآخر إلى القراءة وضبطها فيقول لهم: هذا رصد، وهذا حجاز، فإذا به أيضاً عالم بضبط الأنغام"[16].

 

وجاء ذكر "طاهر الأتاسي الحمصي: فقيه عالم بالموسيقى" في كتاب "موسوعة العالم الإسلامي ورجالها" تحت عنوان " الفقهاء وأهل الدين والقانون" في قسم "عصر النهضة العربية" في تجميعٍ لأشهر علماء الأمة الإسلامية في ذلك الزمان.  ومن الشخصيات التاريخية العظيمة من علماء الشام الشريف التي كانت في تلك القائمة نجد أمين الجندي، والأمير عبدالقادر الجزائري، ومحيي الدين اليافي، ومحمود الحمزاوي، وعبدالرحمن الكواكبي، وجمال الدين القاسمي، ومحسن الأمين، وكامل الغزي، ومحمد عابدين، وبدر الدين الحسني، ومحمد البيروتي، وغيرهم من أعظم علماء الشام في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحالي[17].

ومن الذين جاؤوا على ذكر فضله أو ترجموا له: نقيب أشراف دمشق محمد أديب الحصني في كتاب "منتخبات التواريخ لدمشق" الذي عرف به فقال: "العالم الجليل طاهر أفندي قاضي البصرة السابق ومفتي حمص اليوم"[18]، والبستاني في "دائرة المعارف"[19]، وترجم له كذلك مؤرخ حمص منير عيسى أسعد في "تاريخ حمص"[20] كما أتى، والجندي في "أعلام الأدب والفن"[21]، وعبدالهادي الوفائي في "التاريخ الحمصي" كما سلف، والزركلي في "الأعلام"[22]، وكحالة في "معجم المؤلفين"[23]، وعياش في "معجم المؤلفين السوريين في القرن العشرين"[24]، ومجاهد في "الأعلام الشرقية في المائة الرابعة الهجرية"[25]، وقدامة في "معالم وأعلام"[26]، والبواب في "موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين"[27]، والتدمري في كتابه "من أعلام حمص"[28]، والشيخاني وكاخيا في "معالم وأعلام من حمص الشام"[29]، والدكتور عبدالإله النبهان في مقالة بعنوان "لمحات من أدب أواخر العهد العثماني" في مجلة تراث العرب، وغيرهم كثير. 

وفي حمص سمي أحد الشوارع باسم طاهر الأتاسي اعترافاً بجميله على تلك المدينة، وعرف به تحت لوحة الاسم التي أقيمت في ذلك الشارع بلوحة أخرى كما هو متبع اليوم في سوريا[30]، فجاء في اللوحة: "طاهر الأتاسي: مفتي حمص وفقيهها، مولده ووفاته بها، تولى الافتاء في حمص، وكان عارفاً بالأدب وله إلمام واسع بالموسيقى".  

ومن الجدير بالذكر أن العلامة الأتاسي ينتمي إلى آل السباعي الأدارسة الحسنيين عن طريق أمه السباعية، وقد تقدم الحديث عن آل السباعي في الفصل الثاني وعن شرفهم وأدلة حسبهم[31]، وقد تزوج العلامة الأتاسي بابنة عمه السيدة نفيسة بنت أحمد أفندي بن العلامة المفتي محمد سعيد أفندي الأتاسي وأنجبت له ابنيه السيد فيضي الأتاسي الآتية ترجمته واسحاق الذي توفاه الله صغيراً.

انتقل المرحوم العلامة إلى رحمة الله في يوم الجمعة الحادي عشر من ربيع الأول من شهور عام 1359 الهجري المقابل لشهر نيسان عام 1940م، ودفن في مدافن العائلة في حمص[32]، وقد كان بحق من أكبر علماء حمص ومن أعظم فضلائها على مر التاريخ، وكم كنت أتمنى لو أني أدركت جدي المترجم لأكحل عيني برؤيته وقد أحببته حباً لمجرد ما سمعت عن علمه ونبوغه وصلاحه وتقواه وفضله العظيم على أهالي حمص وعلمائها وشهرته المتناهية في الشام والعالم الإسلامي، رحمه الله رحمة واسعة، ونشره بجبهة بالبياض ناصعة، يوم تقع أهوال الواقعة، وأسكنه جناناً شاسعة.


 

 [1]الجزء الأول، ص 48-49.

 [2]مقالة بقلم الدكتور عبدالإله النبهان الحمصي بعنوان "لمحات من أدب أواخر العهد العثماني" نشرها أو ينوي نشرها في مجلة التراث العربي

[3] انظر كيف نسرع إلى وصف كتب الفقه التي ألفها علماؤنا السابقون بأنها ذات طابع جاف، وما هي والله كذلك، ولكننا اليوم يعز علينا أن نقرأ تلك الأساليب الفصيحة بفهم واع ويصعب علينا أن نتناولها بتذوق سليم يدخل المتعة والسرور على فطننا، وما ذلك إلا لأننا لا نبلغ ما بلغه هؤلاء من فصاحة وملكات أدبية ومعرفة عميقة باللغة العربية، فنروح إلى ذم تلك الأساليب، ونعذر النقص في أنفسنا باتهام أساليب علمائنا السابقين، ومن ذلك أن الأستاذ عبدالإله صاحب المقالة وصف الشعراء الذين ترجم لهم وغيرهم من شعراء أواخر العصر العثماني بالركاكة في النظم، وكرر وصفه هذا مرارا، ولعله يظن أنه أقل ركاكة في كلامه وأكثر قدرة وتطويعاً للغته وأحسن نظماً، أولعله، كباقي الناس في زماننا هذا، يفضل ما يسمى اليوم خطأً  وظلماً وبهتاناًَ بالشعر الحديث، الشعر الذي يفتقر إلى الوزن والقافية، الشعر الذي انتشر في عصر ثلاثة أرباع الأحياء فيه شعراء مبدعون مكثرون، مع أن معظمهم قد لا يقدر على تمييز المبتدأ من الخبر.

[4] معجم المؤلفين، الجزء الثاني، ص 10.  والقاديانية هي فرقة عقائدية بدأها الكافر أحمد بن مرتضى القادياني (1839-1908م) في الهند في النصف الأخير من القرن التاسع عشر فنسبت إليه، وكان الإنجليز هم الذين احتضنوا الفكرة وشجعوا صاحبها الذي كان موظفاً لهم ثم ادعى النبوة والألوهية وخلط في أفكاره المسمومة ما استوحاه من الدين الإسلامي الحنيف بعقائد الصليبيين وغيرهم، واتبعه الرعاع والجهلة وعظم شأنه لما أمده البريطانيون بالمال والدعاية، وكان غرضهم التفرقة بين مسلمي شبه القارة الهندية وبث القلاقل في صفوفهم فتضعف شوكتهم (انظر معالم وأعلام-الزركلي-الجزء الأول، ص 256)، فانبرى علماء الأمة الإسلامية في كل جنباتها بالرد على إدعاءات هذا المهووس وكتبوا أبحاثاً يفندون فيها مقالاته، وكان منهم العلامة الأتاسي رحمه الله، الذي رأى في تعاظم شأن الرجل المدعي مدعاة لجهاد اللسان والقلم، فجزاه الله عنا كل خير، إذ لولاه ولولا أمثاله من علماء الأمة لما كان لنا من يرد عنا ادعاء المدعين ويدحض حجج الكافرين، وقد قوض الله لكل أمة وعصر من يدفع عنها شرور الجهلة والمفسدين.  هذا، ولا يزال لهذه الفرقة أتباع في الهند وباكستان وإيران، وإن قل عددهم، إذ لم تلق هذه الدعوة آذاناً لوقوف علمائنا أمام زحفها وصدهم العقول عنها بما يرضي، والله متم نوره ولو كره الكافرون والمتشدقون.  

[5] معجم المؤلفين السوريين في القرن العشرين-عياش-ص 18.

[6] تاريخ حمص-منير الخوري عيسى أسعد- الجزء الثاني، ص 498.

[7] أخبرني بذلك الشيخ زهير الأتاسي، سلمه الله، وقد رآها.

[8] حدثني بهذا الخبر أيضا السيدجابر بن برهان الدين بن ابراهيم بن محمد الأتاسي، والدكتور غزوان مجج الأتاسي.

[9] تاريخ حمص-منير الخوري عيسى أسعد- الجزء الثاني، ص 498.

[10] أتحاف ذوي العناية-العربي العزوزي-ص 132.

[11] بل كان الأتاسي عالماً بالموسيقى والقدود وعلم الموشحات بل وشهيراً في علمه بها، ويبدو أن الوفائي لم يعلم بذلك، وقد توفي الوفائي عام 1909م، رحمه الله، أي قبل وفاة الأتاسي بأكثر من ثلاثة عقود، وكان من جيل والد العلامة طاهر الأتاسي، ولذلك يبدو أنه لم يعاشر الأتاسي مدة كافية  ليعرف أنه كان عارفاً بالموشحات والموسيقى، ويبدو أن اشتهار الأتاسي بهذه العلوم كانت بعد الوفائي، وإلا لجعل الوفائي منزلته أعلى من منزلة الجندي في الأدب والشعر، والجندي كان شاعر العصر.  هذا، إن جميع الذين ترجموا للعلامة الأتاسي غير الوفائي كانوا يذكرون اشتهار علمه بالموسيقى كما أتى.

  [12]مقالة بقلم الدكتور عبدالإله النبهان الحمصي بعنوان "لمحات من أدب أواخر العهد العثماني" نشرها أو ينوي نشرها في مجلة التراث العربي. هذا، وكتاب "التاريخ الحمصي" ما يزال مخطوطاً ومنه نسخة في يد الأستاذ النبهان.   

  [13]مصطفى السباعي-زرزور-ص 514، ومقالة السباعي التي ينقل بعضها في كتابه الدكتور زرزور هي مأخوذة من مجلة الفتح-العدد 715-تاريخ جمادى الآخرة 1359م.   

[14] وطنيون وأوطان-الملوحي- ص 29-30.

[15]  هي القصيدة التي أورد بعضها الجندي في ترجمته للعلامة طاهر الأتاسي، والشيخ المسدي لا زال يحفظ من القصيدة بعض الأبيات.

[16] من المقابلة المسجلة التي أجراها الشيخ زهير الأتاسي مع الشيخ وصفي المسدي، أحد تلامذة المترجم، في جدة عام 1421 من الهجرة.

[17] موسوعة دول العالم الإسلامي ورجالها-شاكر مصطفى-الجزء الرابع، 2043.

[18] الجزء الثاني، ص 925.

[19] الجزء السادس، ص 25-26.

[20] تاريخ حمص-منير الخوري عيسى أسعد- الجزء الثاني، ص 497-498.

[21] الجزء الأول، ص 48-49.

[22] الجزء الثالث، ص 221.

[23] الجزءالثاني، 10.

[24] ص 18

[25] الجزء الثاني، ص 727-728

[26] القسم الأول: القطر السوري-الجزء الأول، ص 9.

[27] الجزء الأول-ص 47، والترجمة كانت تحت "خالد الأتاسي" ولعل "طاهر" سقطت قبل "خالد" في الطباعة.

[28] من أعلام حمص: الجزء الأول-التدمري-ص 31.

[29] معالم وأعلام من حمص الشام-الشيخاني وكاخيا- ص 429.

[30] تحت ألواح أسماء الشوارع اليوم وضعت أ لواح تعريف بمشاهير أعلام العرب المسماة تلك الشوارع بأسمائهم.

[31] وقد ذكر ذلك لي جدي زياد الأتاسي ابن أخ المترجم، وجدتي، لمياء الأتاسي، حفيدته.

[32] أعلام الأدب والفن-الجندي-الجزء الأول، ص 49، وتاريخ حمص-منير الخوري عيسى أسعد-الجزء الثاني، ص 498، ومعالم وأعلام، القسم الأول: القطر السوري-قدامة-الجزء الأول، ص 9، ومصطفى السباعي: الداعية المجدد-زرزور-ص 514.


 


[1] الأعلام الشرقية في المائة الرابعة عشرة الهجرية-مجاهد-الجزء الثاني، ص 727-728، وفي دائرة المعارف أنه ولد عام 1859م (الجزء السادس، ص 25)، أما في تاريخ حمص فجاء أنه ولد عام 1854م (الجزء الثاني، ص497)، وفي أعلام ومعالم، القسم الأول: القطر السوري أنه ولد عام 1273 للهجرة (1854م) (قدامة-الجزء الأول، ص 9)، وكذلك في أعلام الأدب والفن للجندي (48)

[2] الأعلام-الزركلي-الجزء الثالث، ص 221، وأعلام الأدب والفن-الجندي-الجزء الأول، ص 48.

[3] علماء دمشق وأعيانها في القرن الثالث الهجري-الحافظ وأباظة-ج2، ص 704.

[4] الأعلام-الزركلي-الجزء الثالث، ص 221.  وقد ذكر الزركلي أن العلامة الأتاسي تولى الفتوى الحمصية عام 1331 للهجرة، وتبعه في ذلك زكي مجاهد والذي نقل عنه (الأعلام الشرقية-الجزء الثاني، ص 727)، والصحيح ما ذكره الشيخ أبو السعود، أي عام 1333 للهجرة=1914م، وهو الذي أثبتناه أعلاه في متن الترجمة.  وبانتهاء مدة الأتاسي بوفاته عام 1940م كان هو آخر مفتي الأتاسية في عهد الدولة العثمانية.

[5] الدكتور مصطفى السباعي-جرار-ص 19.

[6] انظر صورة الإجازة الشرعية في ترجمة الشيخ زاهد الأتاسي.

[7] من المعلومات التي استقيناها من المقابلة المسجلة بين الشيخ زهير الأتاسي والشيخ وصفي المسدي.

[8] أخبر بذلك جدي زياد الأتاسي.

[9] ديوان الرياض والأزهار والأثمار-خير الدين شمسي باشا-الجزء الأول، ص 3.  وقد أهدى المؤلف شمسي باشا كتابه إلى روح شيخه الأتاسي (وإلى غيره من أساتذة المؤلف) فقال: "وإلى روح العلامة مفتي حمص طاهر أفندي الأتاسي الذي قرأنا عليه تفسير الكشاف للزمخشري" (في غرة شوال عام 1416 للهجرة).

[10] من المعلومات التي استقيناها من المقابلة المسجلة بين الشيخ زهير الأتاسي والشيخ وصفي المسدي.

[11] أوراق فارس الخوري-الخوري-الكتاب الثاني، ص 206 / و سوريا والإنتداب الفرنسي-الحكيم-ص 88.

[12] حلب في مئة عام-عينتابي وعثمان-الجزء الثالث، ص 29-30، و أوراق فارس الخوري-الخوري-الكتاب الثاني، ص 201.  ولمعرفة تفاصيل إجتماعات المجلس الإتحادي إرجع إلى الكتاب الأخير.

[13] بيان مؤتمر العلماء الأول المنعقد بدمشق-اللجنة التنفيذية المركزية للمؤتمر-ص 1-22.